بعد أن عدد هذه الحجج الخمس الدالة على وحدانيته في الإلهية وانفراده في فعل هذه الأشياء وغيرها، وعجز من سواه عنها وعما يتعلق بالنفع والضرر وغيره، وإلزامهم السكوت بتلك البراهين القاطعة، قال المشركون أخبرنا يا محمد عن الساعة التي تهددنا بها إن لم نؤمن بك، فأنزل اللّه "قُلْ" يا حبيبي لهؤلاء الجهلة الذين لا يميزون بين الممكن والمحال : هذه من الغيب و"لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ"
وحده، فكيف نعطيهم علمها وهو من خصائص الإلهية "وَما يَشْعُرُونَ" هم ولا جميع الجن والإنس والملائكة "أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" ٦٥ من قبورهم ومواقعهم مع أنه لا بدّ لهم منه، وهو من أهم الأمور عندهم لأن اللّه تعالى وحده تفرّد بذلك "بَلِ ادَّارَكَ" اضمحل وفني وانمحق "عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ" وشأنها، فليس لهم علم بها ولا بوقت إمارتها.
وأصل ادّارك تدارك، فأبدلت التاء دالا، وأسكنت للإدغام، واجتلبت الهمزة الوصلية للابتداء، ومعناها تلاحق وتتابع، وعليه يكون المعنى انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها، وتابع علمهم فيها ما جهلوه في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon