و إن كانا مبصرين بالعين لكن جعل كون الليل للراحة والنهار للعمل من الأمور المعقولة لا المبصرة، أي ألم يعلموا جعلنا الليل المظلم للنوم والقرار ؟ قيل : النوم راحة القوى الحسية، من حركات القوى النفسية، والنهار المضيء للشغل النافع مادة
ومعنى "إِنَّ فِي ذلِكَ" الجعل المسلوك بنظام بديع لا يتغير "لَآياتٍ" دالات على كبير نعمنا وقوة ارادتنا "لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" ٨٦ بنا ويصدقون رسلنا "وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ" القرن، والنافخ به إسرافيل عليه السلام، وكان أمراء الجيوش أخذوا بوقهم من هذا كما أخذت ترتيبات الشرطة والدرك والجيش والتعذيب وسرادق الملك ولبهته والوزراء والعمال وغيرهم من القرآن، لأن الدنيا تذكرة ومثالا للآخرة، والمراد بهذه النفخة الثانية بدليل قوله تعالى "فَفَزِعَ" خاف ودهش وارتعد "مَنْ فِي السَّماواتِ" من الملائكة "وَمَنْ فِي الْأَرْضِ" من الخلائق فيشمل الإنس والجن والوحش وغيرها، وجاء الفعل بلفظ الماضي بدلا من المضارع لتحققه، لأن المستقبل من فعل متيقن الوقوع كالماضي لأنه من اخبار اللّه تعالى، وهو حق ثابت لا مرته فيه واستثنى من هذا العموم في قوله "إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ" رضوان خازن الجنة، ومالك خازن النار، والحور العين والولدان وحملة العرش والمقربون والزبانية، وإدريس لأن اللّه رفعه بعد الموت وموسى لأنه صعق بالطور وغيرهم ممن أراد استثناءهم، وهذا التفسير على جعل النفخة هي الثانية أولى وأنسب بالمقام من جعلها النفخة الأولى، لأن تمام الآية الآتية تدل دلالة صريحة على ذلك، وان المراد بمن في السموات والأرض جميع الخلائق عدا من استثنى اللّه، إذ لا أحد الا ويصيبه فزع وهول ورهبة يوم القيامة عند النفخة الاخيرة إذ لا يدري الناس ماذا يراد بهم وما يفعل بتقيهم وشقيهم، ولا يبعد أن يدخل فيمن استثنى اللّه الأنبياء و


الصفحة التالية
Icon