زيادة ولا تبديل في المعنى بخلاف ما بيناه في الآية ١٦٦ من البقرة المارة "لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ" ٧ تستدفئون، لأن الوقت شتاء، فأجابوه لما طلب، فتركهم وذهب، وكان في إضلالهم الطريق هداهم راجع الآية ١٠ من سورة طه المارة.
مطلب بدء نبوة موسى وكيفية تكليمه :
قال تعالى "فَلَمَّا جاءَها" وأبصر تلك النار "نُودِيَ" من جهتها "أَنْ بُورِكَ" أن هنا تفسيرية للنداء، والمعنى أي بورك لما في النداء من معنى القول دون حروفه، وضمير بورك يعود على موسى عليه السّلام، وقيل إنها مخففة من الثقيلة وجاز كونها كذلك من غير حاجة الفصل بينهما وبين الفعل بقد والسين وسوف أو أحرف النفي، لانها وليت فعل دعاء وهو مستثنى من تلك الفواصل، خلافا لأبي علي الفارسي القائل إن أن المخففة لما كانت لا يليها إلا الأسماء استقبحوا أن يليها الفعل ليس بشيء يعتدّ به، لان هذا ليس على إطلاقه، فقد استثنى من عموم فعل الدعاء "مَنْ فِي النَّارِ" من جاء لأجلها إلى المحل الذي هي فيه "وَمَنْ حَوْلَها" موسى وغيره من الملائكة فيشمل كل من هو في تلك البقعة والبقعة نفسها، لانها مبعث الأنبياء ومهبط الوحي، وهي المعينة بقوله تعالى (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) الآية ١٩ الآتية من سورة القصص، وتفيد هذه الآية المفسرة إبداء التحية العظيمة من اللّه عز وجل لموسى عليه السّلام، وفيها إشارة إلى حصول البركة في أراضي الشام التي هي حول تلك البقعة المقدسة المشار إليها في قوله تعالى حكاية عن حال إبراهيم عليه السّلام :
(وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) الآية ٧١ من سورة الأنبياء في ج ٢ وبشارة عظيمة من اللّه إلى موسى أيضا بحدوث أمر ديني فيها، وهي استنباؤه، ورسالته، وتكليمه، وإظهار المعجزات على يده، وتجديد دين أبيه إبراهيم عليه السّلام.