وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١) ﴾
قوله :﴿ طس ﴾ قد مرّ الكلام مفصلاً في فواتح السور، وهذه الحروف إن كانت اسماً للسورة، فمحلها الرفع على الابتداء، وما بعده خبره، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذا اسم هذه السورة، وإن لم تكن هذه الحروف اسماً للسورة، بل مسرودة على نمط التعديد، فلا محل لها، والإشارة بقوله :﴿ تِلْكَ ﴾ إلى نفس السورة ؛ لأنها قد ذكرت إجمالاً بذكر اسمها، واسم الإشارة مبتدأ، وخبره :﴿ آيَاتُ القرآن ﴾ والجملة خبر المبتدأ الأوّل على تقدير أنه مرتفع بالإبتداء ﴿ وكتاب مُّبِين ﴾ قرأ الجمهور بجرّ كتاب عطفاً على القرآن أي تلك آيات القرآن وآيات كتاب مبين، ويحتمل أن يكون المراد بقوله :﴿ وكتاب ﴾ القرآن نفسه، فيكون من عطف بعض الصفات على بعض مع اتحاد المدلول، وأن يكون المراد بالكتاب : اللوح المحفوظ، أو نفس السورة، وقرأ ابن أبي عبلة " وكتاب مبين " برفعهما عطفاً على آيات.
وقيل : هو على هذه القراءة على تقدير مضاف محذوف، وإقامة المضاف إليه مقامه أي وآيات كتاب مبين، فقد وصف الآيات بالوصفين : القرآنية الدالة على كونه مقروءاً مع الإشارة إلى كونه قرآناً عربياً معجزاً، والكتابية الدالة على كونه مكتوباً مع الإشارة إلى كونه متصفاً بصفة الكتب المنزلة، فلا يكون على هذا من باب عطف صفة على صفة مع اتحاد المدلول، ثم ضم إلى الوصفين وصفاً ثالثاً، وهي : الإبانة لمعانيه لمن يقرؤه، أو هو من أبان بمعنى : بان، معناه واتضح إعجازه بما اشتمل عليه من البلاغة.
وقدّم وصف القرآنية هنا نظراً إلى تقدّم حال القرآنية على حال الكتابة، وأخَّره في سورة الحجر، فقال :﴿ الرَ تِلْكَ ءايات الكتاب وَقُرْءانٍ مُّبِينٍ ﴾ [ الحجر : ١ ].
نظراً إلى حالته التي قد صار عليها، فإنه مكتوب.
والكتابة سبب القراءة، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon