وأما تعريف القرآن هنا، وتنكير الكتاب، وتعريف الكتاب في سورة الحجر، وتنكير القرآن فلصلاحية كلّ واحد منهما للتعريف، والتنكير.
﴿ هُدًى وبشرى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ في موضع نصب على الحال من الآيات أو من الكتاب أي تلك آيات هادية ومبشرة، ويجوز أن يكون في محل رفع على الإبتداء، أي هو هدى، أو هما خبران آخران لتلك، أو هما مصدران منصوبان بفعل مقدّر، أي : يهدي هدى، ويبشر بشرى.
ثم وصف المؤمنين الذي لهم الهدى والبشرى، فقال :﴿ الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكواة ﴾، والموصول في محل جرّ، أو يكون بدلاً أو بياناً، أو منصوباً على المدح، أو مرفوعاً على تقدير مبتدأ.
والمراد بالصلاة : الصلوات الخمس، والمراد بالزكاة : الزكاة المفروضة، وجملة :﴿ وَهُم بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ في محل نصب على الحال، وكرّر الضمير للدلالة على الحصر، أي لا يوقن بالآخرة حقّ الإيقان إلاّ هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، وجعل الخبر مضارعاً للدلالة على التجدد في كلّ وقت، وعدم الانقطاع.
ثم لما ذكر سبحانه أهل السعادة ذكر بعدهم أهل الشقاوة، فقال :﴿ إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ﴾، وهم الكفار، أي لا يصدّقون بالبعث ﴿ زَيَّنَّا لَهُمْ أعمالهم ﴾ قيل : المراد : زين الله لهم أعمالهم السيئة حتى رأوها حسنة.
وقيل : المراد : أن الله زين لهم الأعمال الحسنة، وذكر لهم ما فيها من خيري الدنيا والآخرة، فلم يقبلوا ذلك.
قال الزجاج : معنى الآية : أنا جعلنا جزاءهم على كفرهم أن زينا لهم ما هم فيه ﴿ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ﴾ أي يتردّدون فيها متحيرين على الاستمرار لا يهتدون إلى طريقة، ولا يقفون على حقيقة.
وقيل : معنى ﴿ يعمهون ﴾ : يتمادون.
وقال قتادة : يلعبون، وفي معنى التحير قال الشاعر :
ومهمه أطرافه في مهمه... أعمى الهدى الحائرين العمه


الصفحة التالية
Icon