والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى المذكورين قبله، وهو مبتدأ خبره ﴿ لَهُمْ سُوء العذاب ﴾ قيل : في الدنيا كالقتل والأسر ووجه تخصيصه بعذاب الدنيا قوله بعده :﴿ وَهُمْ فِي الآخرة هُمُ الأخسرون ﴾ أي هم أشدّ الناس خسراناً، وأعظمهم خيبة ثم مهد سبحانه مقدّمة نافعة لما سيذكره بعد ذلك من الأخبار العجيبة، فقال :﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القرءان مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ أي يلقى عليك فتلقاه وتأخذه من لدن كثير الحكمة والعلم قيل : إن لدن هاهنا بمعنى عند.
وفيها لغات كما تقدّم في سورة الكهف.
﴿ إِذْ قَالَ موسى لأِهْلِهِ ﴾ الظرف منصوب بمضمر، وهو اذكر.
قال الزجاج : موضع "إذ" نصب، المعنى : اذكر إذ قال موسى، أي : اذكر قصته إذ قال لأهله، والمراد بأهله : امرأته في مسيره من مدين إلى مصر، ولم يكن معه إذ ذاك إلاّ زوجته بنت شعيب، فكنى عنها بلفظ الأهل الدالّ على الكثرة، ومثله قوله :﴿ امكثوا ﴾ [ طه : ١٠ ]، ومعنى ﴿ إِنّي آنَسْتُ نَاراً ﴾ : أبصرتها ﴿ سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَر ﴾ السين تدلّ على بعد مسافة النار ﴿ ءاتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾ قرأ عاصم وحمزة والكسائي بتنوين ﴿ شهاب ﴾، وقرأ الباقون بإضافته إلى قبس، فعلى القراءة الأولى يكون قبس بدلاً من شهاب، أو صفة له لأنه بمعنى مقبوس، وعلى القراءة الثانية الإضافة للبيان، والمعنى على القراءتين : آتيكم بشعلة نار مقبوسة أي مأخوذة من أصلها.
قال الزجاج : من نوّن جعل ﴿ قبس ﴾ من صفة شهاب، وقال الفراء : هذه الإضافة كالإضافة في قولهم : مسجد الجامع، وصلاة الأولى، أضاف الشيء إلى نفسه لاختلاف أسمائه.
وقال النحاس : هي إضافة النوع إلى الجنس كما تقول : ثوب خز، وخاتم حديد.
قال : ويجوز في غير القرآن بشهاب قبساً على أنه مصدر، أو بيان، أو حال ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾ أي رجاء أن تستدفئوا بها.