أو لكي تستدفئوا بها من البرد، يقال : صلى بالنار، واصطلى بها : إذا استدفأ بها.
قال الزجاج : كلّ أبيض ذي نور فهو : شهاب.
وقال أبو عبيدة : الشهاب : النار، ومنه قول أبي النجم :
كأنما كان شهاباً واقدا... أضاء ضوءاً ثم صار خامداً
وقال ثعلب : أصل الشهاب عود في أحد طرفيه جمرة، والآخر لا نار فيه، والشهاب : الشعاع المضيء، وقيل : للكوكب : شهاب، ومنه قول الشاعر :
في كفه صعدة مثقفة... فيها سنان كشعلة القبس
﴿ فَلَمَّا جَاءهَا ﴾ أي : جاء النار موسى ﴿ نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النار وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ :" أن " هي المفسرة لما في النداء من معنى القول، أو هي المصدرية أي بأن بورك، وقيل : هي المخففة من الثقيلة.
قال الزجاج :" أن " في موضع نصب أي بأن قال، ويجوز أن يكون في موضع رفع اسم ما لم يسم فاعله.
والأولى أن النائب ضمير يعود إلى موسى.
وقرأ أبيّ، وابن عباس، ومجاهد :" أن بوركت النار ومن حولها " حكى ذلك أبو حاتم.
وحكى الكسائي عن العرب : باركك الله، وبارك فيك، وبارك عليك، وبارك لك، وكذلك حكى هذا الفراء.
قال ابن جرير : قال :﴿ بورك من في النار ﴾، ولم يقل : بورك على النار على لغة من يقول : باركك الله أي : بورك على من في النار، وهو موسى، أو على من في قرب النار لا أنه كان في وسطها.
وقال السديّ : كان في النار ملائكة، والنار هنا هي مجرّد نور، ولكنه ظن موسى أنها نار، فلما وصل إليها وجدها نوراً.
وحكي عن الحسن وسعيد بن جبير : أن المراد بمن في النار : هو الله سبحانه أي نوره.
وقيل : بورك ما في النار من أمر الله سبحانه الذي جعلها على تلك الصفة.
قال الواحدي : ومذهب المفسرين : أن المراد بالنار : النور، ثم نزّه سبحانه نفسه، فقال :﴿ وسبحان الله رَبّ العالمين ﴾، وفيه تعجيب لموسى من ذلك.