وقيل : إن الاستثناء متصل من المذكور لا من المحذوف.
والمعنى : إلاّ من ظلم من المرسلين بإتيان الصغائر التي لا يسلم منها أحد، واختار هذا النحاس، وقال : علم من عصى منهم، فاستثناه فقال :﴿ إلا من ظلم ﴾ وإن كنت قد غفرت له كآدم، وداود وإخوة يوسف وموسى بقتله القبطيّ.
ولا مانع من الخوف بعد المغفرة، فإن نبينا ﷺ الذي غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، كان يقول :" وددت أني شجرة تعضد " ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾ المراد بالجيب هو المعروف، وفي القصص ﴿ اسلك يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾ [ القصص : ٣٢ ].
وفي ﴿ أدخل ﴾ من المبالغة ما لم يكن في ﴿ اسلك ﴾.
﴿ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء ﴾ أي من غير برص، أو نحوه من الآفات، فهو احتراس.
وقوله :﴿ تخْرجُ ﴾ جواب :﴿ أدخل يدك ﴾.
وقيل : في الكلام حذف تقديره : أدخل يدك تدخل، وأخرجها تخرج، ولا حاجة لهذا الحذف، ولا ملجىء إليه.
قال المفسرون : كانت على موسى مدرعة من صوف لا كمّ لها ولا إزار، فأدخل يده في جيبه وأخرجها، فإذا هي تبرق كالبرق، وقوله :﴿ فِي تِسْعِ آيَاتٍ ﴾ قال أبو البقاء : هو في محل نصب على الحال من فاعل تخرج، وفيه بعد.
وقيل : متعلق بمحذوف أي اذهب في تسع آيات.
وقيل : متعلق بقوله :﴿ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾ و ﴿ أدخل يدك ﴾ في جملة تسع آيات أو مع تسع آيات.
وقيل : المعنى : فهما آيتان من تسع يعني : العصا واليد، فتكون الآيات إحدى عشرة : هاتان، والفلق، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والطمسة، والجدب في بواديهم، والنقصان في مزارعهم.
قال النحاس : أحسن ما قيل فيه أن هذه الآية يعني : اليد داخلة في تسع آيات، وكذا قال المهدوي، والقشيري.
قال القشيري : تقول خرجت في عشرة نفر، وأنت أحدهم أي خرجت عاشر عشرة، ففي بمعنى : من لقربها منها، كما تقول : خذ لي عشراً من الإبل فيها فحلان أي منها.