وقال ابن عطية :
ثم قص تعالى خبر موسى، والتقدير اذكر ﴿ إذْ قال موسى ﴾ وكان من أمر موسى عليه السلام أنه حين خرج بزوجه بنت شعيب عليه السلام يريد مصر وقد قرب وقت نبوته مشوا في ليلة ظلماء ذات برد ومطر ففقدوا النار ومسهم البرد واشتدت عليهم الظلمة وضلوا الطريق وأصلد زناد موسى عليه السلام، فبينما هو في هذه الحالة إذ رأى ناراً على بعد، و﴿ أنست ﴾ معناه رأيت، ومنه قول حسان بن ثابت :[ المنسرح ]
انظر خليلي بباب جِلَّقَ هل تؤنس... دون البلقاء من أحد
فلما رأى موسى ذلك قال لأهله ما في الآية.
ومشى نحوها لما دنا منها رأى النار في شجرة سمر خضراء وهي لا تحرقها، وكلا قرب هو منها بعدت هي منه، وكان ذلك نوراً من نور الله عز وجل ولم يكن ناراً في نفسها لكن ظنه موسى ناراً فناداه الله عز وجل عند ذلك، وسمع موسى عليه السلام النداء من جهة الشجرة وأسمعه الله كلامه والخبر الذي رجاه موسى عليه السلام هو الإعلام بالطريق، وقوله ﴿ بشهاب قبس ﴾ شبه النار التي تؤخذ في طرف عود أو غيره ب " الشهاب " ثم خصصه بأنه مما اقتبس، إذ الشهب قد تكون من غير اقتباس، و" القبس " اسم لقطعة النار تقتبس في عود أو غيره كما القبض اسم ما يقبض ومنه قول أبي زيد :[ المنسرح ]
في كفة صعدة مثقفة... فيها سنان كشعلة القبسِ