ومنه قول الآخر :" من شاء من نار الجحيم اقتبسا " وأصل الشهاب الكوكب المنقض في أثر مسترق السمع وكل من يقال له شهاب من المنيرات فعلى التشبيه، قال الزجاج : كل أبيض ذي نور فهو شهاب وكلامه معترض، و" القبس " يحتمل أن يكون اسماً غير صفة ويحتمل أن يكون صفة، فعلى كونه اسماً غير صفة أضاف إليه بمعنى بشهاب اقتبسته أو اقتبسه، وعلى كونه صفة يكون ذلك كإضافة الدار إلى الآخرة والصلاة إلى الأولى وغير ذلك، وقرأ الجمهور بإضافة " شهاب " إلى " قبس " وهي قراءة الحسن وأهل المدينة ومكة والشام، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي " بشهابٍ قبس " بتنوين " شهاب " فهذا على الصفة.
ويجوز أن يكون " القبس " مصدر قبس يقبس كما الجلب مصدر جلب يجلب وقال أبو الحسن : الإضافة أجود وأكثر في القراءة كما تقول دار آجر وسوار ذهب حكاه أبو علي، و﴿ تصطلون ﴾ معناه تستدفئون من البرد، والضمير في ﴿ جاءها ﴾ للنار التي رآها موسى، وقوله ﴿ أن بورك ﴾ يحتمل أن تكون ﴿ أن ﴾ مفسرة، ويحتمل أن تكون في موضع نصب على تقدير " بأن بورك "، ويحتمل أن تكون في موضع رفع على تقدير نودي أنه قاله الزجاج، وقوله ﴿ بورك ﴾ معناه قدس وضوعف خيره ونمي، والبركة مختصة بالخير، ومن هذا قول أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب.
بورك الميت الغريب كما بو... رك ينع الرمان والزيتون
وبارك متعد بغير حرف تقول العرب باركك الله وقوله ﴿ من في النار ﴾ اضطرب المتأولون فيه فقال ابن عباس وابن جبير والحسن وغيرهم : أراد عز وجل نفسه وعبر بعضهم في هذا القول عبارات مردودة شنيعة، وقال ابن عباس رضي الله عنه : أراد النور، وقال الحسن وابن عباس : أراد بمن حولها الملائكة وموسى.