قال القاضي أبو محمد : فأما قول الحسن وغيره فإنما يتخرج على حذف مضاف بمعنى ﴿ بورك مَن ﴾ قدرته وسلطانه ﴿ في النار ﴾ والمعنى في النار على ظنك وما حسبت، وأما القول بأن ﴿ من ﴾ للنور فهذا على أن يعبر على النور بمن من حيث كان من نور الله ويحتمل أن تكون من الملائكة لأن ذلك النور الذي حسبه موسى ناراً لم يخل من الملائكة، ﴿ ومن حولها ﴾ يكون لموسى عليه السلام وللملائكة المطيفين به، وقرأ أبي بن كعب " أن بوركت النار "، كذا حكى أبو حاتم وحكى ابن جني أنه قرأ " تباركت النار ومن حولها "، وحكى الداني أبو عمرو أنه قرأ " ومن حولها من الملائكة "، قال : وكذلك قرأ ابن عباس ومجاهد وعكرمة، وقوله تعالى :﴿ وسبحان الله رب العالمين ﴾ يحتمل أن يكون مما قيل في النداء لموسى، ويحتمل أن يكون خطاباً لمحمد عليه السلام اعتراضاً بين الكلامين، والمقصد به على كلا الوجهين تنزيه الله تعالى مِمَّا عسى أن يخطر ببال في معنى النداء من الشجرة وكون قدرته وسلطانه في النار وعود من عليه، أي هو منزه في جميع هذه الحالات عن التشبيه والتكييف، قال الثعلبي : وإنما الأمر كما روي أن في التوراة جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلى من فاران، المعنى ظهرت أوامره بأنبيائه في هذه الجهات وفاران جبل مكة، وباقي الآية إعلام بأنه الله تعالى والضمير في ﴿ أنه ﴾ للأمر والشأن.
قال الطبري : ويسميها أهل الكوفة المجهولة وأنسه بصفاته من العزة، أي لا خوف معي، والحكمة، أي لا نقص في أفعالي.
﴿ وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾