قال القاضي أبو محمد : وأجمع العلماء أن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي هي رذائل واختلف فيما عدا هذا، فعسى أن يشير الحسن وابن جريج إلى ما عدا ذلك، وفي الآية على هذا التأويل حذف اقتضى الإيجاز والفصاحة ترك نصه تقديره فمن ظلم ﴿ ثم بدل ﴾، وقال الفراء وجماعة : الاستثناء منقطع وهو إخبار عن غير الأنبياء كأنه قال : لكن من ظلم من الناس ثم تاب ﴿ فإني غفور رحيم ﴾، وقالت فرقة :﴿ إلا ﴾ بمعنى الواو.
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول لا وجه له، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وزيد بن أسلم " ألا من ظلم " على الاستفتاح، وقوله ﴿ ثم بدل حسناً ﴾ معناه عملاً صالحاً مقترناً بتوبة، وهذه الآية تقتضي حتم المغفرة للتائب، وأجمع الناس على ذلك في التوبة من الشرك، وأهل السنة في التائب من الماصي على أنه في المشيئة كالْمُصِرِّ، لكن يغلب الرجاء على التائب والخوف على المصر، وقوله تعالى :﴿ ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾ [ النساء : ٤٨ ] عمت الجميع من التائب والمصر، وقالت المعتزلة
﴿ لمن يشاء ﴾ [ النساء : ٤٨ ] معناه للتائبين.
قال القاضي أبو محمد : وذلك مردود من لفظ الآية لأن تفصيلها بين الشرك وغيره كان يذهب فائدته إذ الشرك يغفر للتائب وما دونه كذلك على تأويلهم فما فائدة التفصيل في الآية وهذا احتجاج لازم فتأمله، وروي عن أبي عمرو أنه قرأ " حَسناً بعد سَوء " بفتح الحاء والسين وهي قراءة مجاهد وابن أبي ليلى، وقرأ محمد بن عيسى الأصبهاني " حسنى " مثل فعلى. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon