وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِذْ قَالَ موسى لأَهْلِهِ ﴾
﴿ إِذْ ﴾ منصوب بمضمر وهو اذكر ؛ كأنه قال على أثر قوله :"وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ" : خذ يا محمد من آثار حكمته وعلمه قصة موسى إذ قال لأهله.
﴿ إني آنَسْتُ نَاراً ﴾ أي أبصرتها من بُعد.
قال الحارث بن حلِّزَة :
آنَستْ نَبْأَةً وَأَفْزَعَها الْقُنَّ...
اصُ عصراً وقَدْ دَنَا الإمساءُ
﴿ سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلِونَ ﴾ قرأ عاصم وحمزة والكسائي :﴿ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾ بتنوين ﴿ شِهابٍ ﴾.
والباقون بغير تنوين على الإضافة ؛ أي بشعلة نار ؛ واختاره أبو عبيد وأبو حاتم.
وزعم الفرّاء في ترك التنوين أنه بمنزلة قولهم : ولدار الآخرة، ومسجد الجامع، وصلاة الأولى ؛ يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلفت أسماؤه.
قال النحاس : إضافة الشيء إلى نفسه محال عند البصريين، لأن معنى الإضافة في اللغة ضم شيء إلى شيء فمحال أن يضم الشيء إلى نفسه، وإنما يضاف الشيء إلى الشيء ليتبين به معنى الملك أو النوع، فمحال أن يتبين أنه مالك نفسه أو من نوعها.
و﴿ شِهابِ قبسٍ ﴾ إضافة النوع والجنس، كما تقول : هذا ثوبُ خزٍّ، وخاتمُ حديدٍ وشبهه.
والشهاب كل ذي نُور ؛ نحو الكوكب والعُود الموقَد.
والقبَس اسم لما يقتبس من جمر وما أشبهه ؛ فالمعنى بشهاب من قبس.
يقال : أقبست قبساً ؛ والاسم قبس.
كما تقول : قبضت قبضاً.
والاسم القبض.
ومن قرأ :﴿ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾ جعله بدلاً منه.
المهدوي : أو صفة له ؛ لأن القبس يجوز أن يكون اسماً غير صفة، ويجوز أن يكون صفة ؛ فأما كونه غير صفة فلأنهم قالوا قبسته أقبسه قبساً والقبس المقبوس ؛ وإذا كان صفة فالأحسن أن يكون نعتاً.
والإضافة فيه إذا كان غير صفة أحسن.
وهي إضافة النوع إلى جنسه كخاتم فضة وشبهه.
ولو قرىء بنصب قبس على البيان أو الحال كان أحسن.