ويجوز في غير القرآن بشهابٍ قبساً على أنه مصدر أو بيان أو حال.
﴿ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾ أصل الطاء تاء فأبدل منها هنا طاء ؛ لأن الطاء مطبقة والصاد مطبقة فكان الجمع بينهما حسناً، ومعناه يستدفئون من البرد.
يقال : اصطلى يصطلي إذا استدفأ.
قال الشاعر :
النارُ فاكهةُ الشتاءِ فمن يردْ...
أكلَ الفواكهِ شاتياً فليصطلِ
الزجاج : كل أبيض ذي نُور فهو شهاب.
أبو عبيدة : الشهاب النار.
قال أبو النَّجم :
كأنما كان شهاباً واقدَا...
أضاء ضوءاً ثم صار خامدَا
أحمد بن يحيى : أصل الشهاب عود في أحد طرفيه جمرة والآخر لا نار فيه ؛ وقول النحاس فيه حسن : والشهاب الشعاع المضيء ومنه الكوكب الذي يمد ضوءه في السماء.
وقال الشاعر :
في كفَّه صَعْدَةٌ مثقَّفةٌ...
فيها سِنانٌ كشُعلة القَبَسِ
قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَآءَهَا ﴾ أي فلما جاء موسى الذي ظن أنه نار وهي نور ؛ قاله وهب بن منبّه.
فلما رأى موسى النار وقف قريباً منها، فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها الُعلَّيق، لا تزداد النار إلا عظماً وتضرّماً، ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً ؛ فعجب منها وأهوى إليها بضِغْث في يده ليقتبس منها ؛ فمالت إليه ؛ فخافها فتأخر عنها ؛ ثم لم تزل تطمعه ويطمع فيها إلى أن وضح أمرها على أنها مأمورة لا يدري من أمرها، إلى أن ﴿ نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النار وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾.
وقد مضى هذا المعنى في "طه".
﴿ نُودِيَ ﴾ أي ناداه الله ؛ كما قال :﴿ وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطور الأيمن ﴾ [ مريم : ٥٢ ].
﴿ أَن بُورِكَ ﴾ قال الزجاج :﴿ أَنْ ﴾ في موضع نصب ؛ أي بأنه.
قال : ويجوز أن تكون في موضع رفع جعلها اسم ما لم يسم فاعله.
وحكى أبو حاتم أن في قراءة أبيّ وابن عباس ومجاهد ﴿ أن بوركت النار ومن حولها ﴾.


الصفحة التالية
Icon