وقوله ﴿ قبل أن تقوم من مقامك ﴾ قال مجاهد وقتادة وابن منبه معناه قبل قيامك من مجلس الحكم، وكان يجلس من الصبح إلى وقت الظهر في كل يوم، وقيل معناه فبل أن تستوي من جلوسك قائماً، و﴿ قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ﴾، قال ابن جبير وقتادة قبل أن يصل إليك من يقع طرفك عليه في أبعد ما ترى، وقال مجاهد معناه قبل أن يحتاج إلى التغميض أي مدة ما يمكنك أن تمد بصرك دون تغميض وذلك ارتداد.
قال القاضي أبو محمد : وهذان القولان يقابلان قول من قال إن القيام هو مجلس الحكم، ومن قال إن القيام هو من الجلوس، فيقول في ارتداد الطرف هو أن يطرف أي قبل أن تصلح عينيك وتفتحهما، وذلك أن الثاني تعاطى الأقصر في المدة ولا بد.
وقوله ﴿ لَقوي أمين ﴾ معناه " قوي " على حمله ﴿ آمين ﴾ على ما فيه، ويروى أن بلقيس لما فصلت من بلدها متوجهة إلى سليمان تركت العرش تحت أقفال وثقاف حصين فلما علم سليمان بانفصالها أراد أن يغرب عليها بأن تجد عرشها عنده ليبين لها أن ملكه لا يضاهى، فاستدعى سوقه فدعا الذي عنده علم من التوراة وهو ﴿ الكتاب ﴾ المشار إليه باسم الله الأعظم الذي كانت العادة في ذلك الزمن أن لا يدعو به أحد إلا أجيب، فشقت الأرض بذلك العرش حتى نبع بين يدي سليمان عليه السلام وقيل بل جيء به في الهواء. قال مجاهد وكان بين سليمان وبين العرش كما بين الكوفة والحيرة، وحكى الرماني أن العرش حمل من مأرب إلى الشام في قدر رجع البصر.


الصفحة التالية
Icon