وقال القرطبى :
﴿ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾.
وقال عبد الله بن شداد.
كانت بلقيس على فرسخ من سليمان لما قال :﴿ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ﴾ وكانت خلفت عرشها بسبأ، ووكّلت به حفظة.
وقيل : إنها لما بعثت بالهدية بعثت رسلها في جندها لتغافص سليمان عليه السلام بالقتل قبل أن يتأهب سليمان لها إن كان طالب ملك، فلما علم ذلك قال :﴿ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ﴾.
قال ابن عباس : كان أمره بالإتيان بالعرش قبل أن يكتب الكتاب إليها، ولم يكتب إليها حتى جاءه العرش.
وقال ابن عطية : وظاهر الآيات أن هذه المقالة من سليمان عليه السلام بعد مجيء هديتها وردّه إياها، وبعثه الهدهد بالكتاب، وعلى هذا جمهور المتأولين.
واختلفوا في فائدة استدعاء عرشها ؛ فقال قتادة : ذكر له بعظَم وجَوْدة فأراد أخذه قبل أن يعصمها وقومها الإسلام ويحمي أموالهم ؛ والإسلام على هذا الدِّين ؛ وهو قول ابن جريج.
وقال ابن زيد : استدعاه ليريها القدرة التي هي من عند الله، ويجعله دليلاً على نبوته ؛ لأخذه من بيوتها دون جيش ولا حرب ؛ و ﴿ مسلِمِينَ ﴾ على هذا التأويل بمعنى مستسلمين ؛ وهو قول ابن عباس.
وقال ابن زيد أيضاً : أراد أن يختبر عقلها ولهذا قال :﴿ نَكِّرُواْ لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أتهتدي ﴾.
وقيل : خافت الجن أن يتزوج بها سليمان عليه السلام فيولد له منها، فلا يزالون في السخرة والخدمة لنسل سليمان فقالت لسليمان في عقلها خلل ؛ فأراد أن يمتحنها بعرشها.
وقيل :( أراد ) أن يختبر صدق الهدهد في قوله :﴿ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴾ قاله الطبري.
وعن قتادة : أحب أن يراه لما وصفه الهدهد.
والقول الأوّل عليه أكثر العلماء ؛ لقوله تعالى :﴿ قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [ النمل : ٣٨ ].
ولأنها لو أسلمت لحظر عليه مالها فلا يؤتى به إلا بإذنها.


الصفحة التالية
Icon