الأولى : قوله تعالى :﴿ قَالَتْ يا أيها الملأ ﴾ في الكلام حذف ؛ والمعنى : فذهب فألقاه إليهم فسمعها وهي تقول :﴿ يَأَيُّهَا الْمَلأُ ﴾ ثم وصفت الكتاب بالكريم إما لأنه من عند عظيم في نفسها ونفوسهم فعظمته إجلالاً لسليمان عليه السلام ؛ وهذا قول ابن زيد :.
وإما أنها أشارت إلى أنه مطبوع عليه بالخاتم، فكرامة الكتاب ختمه ؛ وروي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقيل : لأنه بدأ فيه ب ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾ وقد قال ﷺ :" كل كلام لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أجذم " وقيل : لأنه بدأ فيه بنفسه، ولا يفعل ذلك إلا الجلّة.
وفي حديث ابن عمر أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه : من عبد الله لعبد الملك بن مروان أمير المؤمنين ؛ إني أقرّ لك بالسمع والطاعة ما استطعت، وإن بَنِيّ قد أقرّوا لك بذلك.
وقيل : توهمت أنه كتاب جاء من السماء إذ كان الموصِّل طيراً.
وقيل :﴿ كَرِيمٌ ﴾ حسن ؛ كقوله :﴿ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ [ الشعراء : ٥٨ ] أي مجلس حسن.
وقيل : وصفته بذلك ؛ لما تضمن من لين القول والموعظة في الدعاء إلى عبادة الله عز وجل، وحسن الاستعطاف والاستلطاف من غير أن يتضمن سبًّا ولا لعناً، ولا ما يغيّر النفس، ومن غير كلام نازل ولا مستغلق ؛ على عادة الرسل في الدعاء إلى الله عز وجل ؛ ألا ترى إلى قول الله عز وجل لنبيه ﷺ :﴿ ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة ﴾ [ النحل : ١٢٥ ] وقوله لموسى وهارون :﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى ﴾ [ طه : ٤٤ ].
وكلها وجوه حسان وهذا أحسنها.
وقد روي أنه لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم أحد قبل سليمان.
وفي قراءة عبد الله ﴿ وَإِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان ﴾ بزيادة واو.


الصفحة التالية
Icon