الثانية : الوصف بالكريم في الكتاب غاية الوصف ؛ ألا ترى قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [ الواقعة : ٧٧ ] وأهل الزمان يصفون الكتاب بالخطير وبالأثير وبالمبرور ؛ فإن كان لملك قالوا : العزيز وأسقطوا الكريم غفلة، وهو أفضلها خصلة.
فأما الوصف بالعزيز فقد وصف به القرآن في قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ ﴾ [ فصلت : ٤١ ٤٢ ] فهذه عزته وليست لأحد إلا له ؛ فاجتنبوها في كتبكم، واجعلوا بدلها العالي ؛ توفية لحق الولاية، وحياطة للديانة ؛ قاله القاضي أبو بكر بن العربي.
الثالثة : كان رسم المتقدّمين إذا كتبوا أن يبدؤوا بأنفسهم من فلان إلى فلان، وبذلك جاءت الآثار.
وروى الربيع عن أنس قال : ما كان أحد أعظم حرمة من النبي ﷺ، وكان أصحابه إذا كتبوا بدؤوا بأنفسهم.
وقال ابن سيرين قال النبي ﷺ :" إن أهل فارس إذا كتبوا بدؤوا بعظمائهم فلا يبدأ الرجل إلا بنفسه "
قال أبو الليث في كتاب "البستان" له : ولو بدأ بالمكتوب إليه لجاز ؛ لأن الأمة قد اجتمعت عليه وفعلوه لمصلحة رأوا في ذلك، أو نسخ ما كان من قبل ؛ فالأحسن في زماننا هذا أن يبدأ بالمكتوب إليه، ثم بنفسه ؛ لأن البداية بنفسه تعدّ منه استخفافاً بالمكتوب إليه وتكبّراً عليه ؛ إلا أن يكتب إلى عبد من عبيده، أو غلام من غلمانه.
الرابعة : وإذا ورد على إنسان كتاب بالتحية أو نحوها ينبغي أن يرد الجواب ؛ لأن الكتاب من الغائب كالسلام من الحاضر.
وروي عن ابن عباس أنه كان يرى رد الكتاب واجباً كما يرى رد السلام.
والله أعلم.
الخامسة : اتفقوا على كتب "بسم الله الرحمن الرحيم" في أوّل الكتب والرسائل، وعلى ختمها ؛ لأنه أبعد من الريبة، وعلى هذا جرى الرسم، وبه جاء الأثر عن عمر بن الخطاب أنه قال : أيما كتاب لم يكن مختوماً فهو أغلف.


الصفحة التالية
Icon