وفي الحديث :" كرم الكتاب خَتْمُه " وقال بعض الأدباء ؛ هو ابن المقفع : من كتب إلى أخيه كتاباً ولم يختمه فقد استخف به ؛ لأن الختم ختم.
وقال أنس : لما أراد النبي ﷺ أن يكتب إلى العجم فقيل له : إنهم لا يقبلون إلا كتاباً عليه ختم ؛ فاصطنع خاتماً ونقش على فصه ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وكأني أنظر إلى وبِيصِه وبياضه في كفّه.
السادسة : قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم ﴾ ﴿ وَإنَّهُ ﴾ بالكسر فيهما أي وإن الكلام، أو إن مبتدأ الكلام ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾.
وأجاز الفراء ﴿ أَنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَأَنَّهُ ﴾ بفتحهما جميعاً على أن يكونا في موضع رفع بدل من الكتاب ؛ بمعنى ألقى إليّ أنه من سليمان.
وأجاز أن يكونا في موضع نصب على حذف الخافض ؛ أي لأنه من سليمان ولأنه ؛ كأنها عللت كرمه بكونه من سليمان وتصديره بسم الله.
وقرأ الأشهب العُقَيليّ ومحمد بن السَّمَيْقع :﴿ أَلاَّ تَغْلُوا ﴾ بالغين المعجمة ؛ وروي عن وهب بن منبّه ؛ من غلا يغلوا إذا تجاوز وتكبّر.
وهي راجعة إلى معنى قراءة الجماعة.
﴿ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ أي منقادين طائعين مؤمنين.
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢)
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ قَالَتْ يا أيها الملأ أَفْتُونِي في أَمْرِي ﴾ الملأ أشراف القوم وقد مضى في سورة "البقرة" القول فيه.
قال ابن عباس : كان معها ألف قَيْل.
وقيل : اثنا عشر ألف قَيْل مع كل قَيْل مائة ألف.
والقَيْل الملِك دون الملِك الأعظم.
فأخذت في حسن الأدب مع قومها، ومشاورتهم في أمرها، وأعلمتهم أن ذلك مطرد عندها في كل أمر يعرض، بقولها :﴿ مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حتى تَشْهَدُونِ ﴾ فكيف في هذه النازلة الكبرى.


الصفحة التالية
Icon