فصل


قال الفخر :
اختلفوا في موضع " يعبدون" من الإعراب على خمسة أقوال :
القول الأول : قال الكسائي : رفعه على أن لا يعبدوا كأنه قيل : أخذنا ميثاقهم بأن لا يعبدوا إلا أنه لما أسقطت " أن" رفع الفعل كما قال طرفة :
ألا أيهذا اللاثمي أحضر الوغى.. وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
أراد أن أحضر ولذلك عطف عليه " أن" وأجاز هذا الوجه الأخفش والفراء والزجاج وقطرب وعلي بن عيسى وأبو مسلم.
القول الثاني : موضعه رفع على أنه جواب القسم، كأنه قيل : وإذ أقسمنا عليهم لا يعبدون، وأجاز هذا الوجه المبرد والكسائي والفراء والزجاج وهو أحد قولي الأخفش.
القول الثالث : قول قطرب : أنه يكون في موضع الحال فيكون موضعه نصباً كأنه قال : أخذنا ميثاقكم غير عابدين إلا الله.
القول الرابع : قول الفراء أن موضع " لا تعبدون" على النهي إلا أنه جاء على لفظ الخبر كقوله تعالى :﴿لاَ تُضَارَّ والدة بِوَلَدِهَا﴾ [ البقرة : ٢٣٣ ] بالرفع والمعنى على النهي، والذي يؤكد كونه نهياً أمور.
أحدها : قوله :﴿أَقِيمُواْ﴾، وثانيها ؛ أنه ينصره قراءة عبد الله وأبي :﴿لاَّ تَعْبُدُواْ ﴾.
وثالثها : أن الإخبار في معنى الأمر والنهي آكد وأبلغ من صريح الأمر والنهي، لأنه كأنه سورع إلى الامتثال والانتهاء فهو يخبر عنه.
القول الخامس : التقدير أن لا تعبدوا تكون " أن" مع الفعل بدلاً عن الميثاق، كأنه قيل : أخذنا ميثاق بني إسرائيل بتوحيدهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ١٤٩ ـ ١٥٠﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ لاَ تَعْبُدُونَ ﴾ قال سيبويه :" لا تعبدون" متعلّق بقَسَم ؛ والمعنى وإذ استخلفناهم والله لا تعبدون ؛ وأجازه المبرّد والكسائي والفرّاء.
وقرأ أبيّ وابن مسعود " لا تعبدوا" على النَهي، ولهذا وصل الكلام بالأمر فقال :" وقوموا، وقولوا، وأقِيموا، وآتوا".
وقيل : هو في موضع الحال ؛ أي أخذنا ميثاقهم موحّدين، أو غير معاندين ؛ قاله قُطْرب والمبرّد أيضاً.


الصفحة التالية
Icon