السادس : أن نعمة الله وإن كانت أعظم من نعمة الوالدين ولكن نعمة الله معلومة بالاستدلال ونعمة الوالدين معلومة بالضرورة، إلا أنها قليلة بالنسبة إلى نعم الله فاعتدلا من هذه الجهة والرجحان لنعم الله فلا جرم جعلنا نعم الوالدين كالتالية لنعم الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ١٥٠ ـ ١٥١﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وبالوالدين إِحْسَاناً ﴾ أي وأمرناهم بالوالدين إحسانا.
وقَرَن الله عز وجل في هذه الآية حق الوالدين بالتوحيد، لأن النَّشأة الأولى من عند الله، والنَّشء الثاني وهو التربية من جهة الوالدين ؛ ولهذا قَرَن تعالى الشكر لهما بشكره فقال :﴿ أَنِ اشكر لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ [ لقمان : ١٤ ].
والإحسان إلى الوالدين : معاشرتهما بالمعروف، والتواضعُ لهما، وامتثال أمرهما، والدعاءُ بالمغفرة بعد مماتهما، وصلةُ أهلِ ودّهما ؛ على ما يأتي بيانه مفصَّلاً في " الإسراء" إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ١٣﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وبالوالدين إحساناً ﴾، المعنى : الأمر بالإحسان إلى الوالدين وبرهما وإكرامهما.
وقد تضمنت آي من القرآن وأحاديث كثيرة ذلك، حتى عد العقوق من الكبائر، وناهيك احتفالاً بهما كون الله قرن ذلك بعبادته تعالى، ومن غريب الحكايات : أن عمر رأى امرأة تطوف بأبيها على ظهرها، وقد جاءت به على ظهرها من اليمن، فقال لها : جزاك الله خيراً، لقد وفيت بحقه، فقالت : ما وفيته ولا أنصفته، لأنه كان يحملني ويود حياتي، وأنا أحمله وأود موته. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ١ صـ ٤٥١﴾

فصل


قال الفخر :
اتفق أكثر العلماء على أنه يجب تعظيم الوالدين وإن كانا كافرين، ويدل عليه وجوه.


الصفحة التالية
Icon