ظاهر الآية يدل على أن الإحسان إلى ذي القربى واليتامى والمساكين كان واجباً عليهم في دينهم، وكذا القول الحسن للناس كان واجباً عليهم، لأن أخذ الميثاق يدل على الوجوب، وذلك لأن ظاهر الأمر للوجوب ولأنه تعالى ذمهم على التولي عنه وذلك يفيد الوجوب والأمر في شرعنا أيضاً، كذلك من بعض الوجوه، وروي عن ابن عباس أنه قال : إن الزكاة نسخت كل حق، وهذا ضعيف لأنه لا خلاف أن من اشتدت به الحاجة وشاهدناه بهذه الصفة فإنه يلزمنا التصدق عليه، وإن لم يجب علينا الزكاة حتى أنه إن لم تندفع حاجتهم بالزكاة كان التصدق واجباً ولا شك في وجوب مكالمة الناس بطريق لا يتضررون به. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ١٥٤﴾
قوله تعالى ﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾
فصل
قال الفخر :
التكليف السابع والثامن :
قوله تعالى :﴿وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة﴾ وقد تقدم تفسيرهما.
واعلم أنه تعالى لما شرح أنه أخذ الميثاق عليهم في هذه التكاليف الثمانية، بين أنه مع إنعامه عليهم بأخذ الميثاق عليهم بكل ذلك ليقبلوا فتحصل لهم المنزلة العظمى عند ربهم، تولوا وأساءوا إلى أنفسهم ولم يتلقوا نعم ربهم بالقبول مع توكيد الدلائل والمواثيق عليهم، وذلك يزيد في قبح ما هم عليه من الإعراض والتولي، لأن الإقدام على مخالفة الله تعالى بعد أن بلغ الغاية في البيان والتوثق يكون أعظم من المخالفة مع الجهالة، واختلفوا فيمن المراد بقوله :﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه من تقدم من بني إسرائيل، وثانيها : أنه خطاب لمن كان في عصر النبي ﷺ من اليهود، يعني أعرضتم بعد ظهور المعجزات كإعراض أسلافكم، وثالثها : المراد بقوله :﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ من تقدم بقوله :﴿وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ﴾ ومن تأخر.