وخرج جمع جميع ما سلف على هذا، وفيه أن ذلك فيما نحن فيه لا يستقيم إلا على مذهب ابن عصفور حيث ذهب إلى أن الوصف ب ( إلا ) يخالف الوصف بغيرها من حيث إنه يوصف بها النكرة والمعرفة، والظاهر والمضمر وأما على مذهب غيره وهو ابن شاهين بالنسبة إليه من أنه لا يوصف بها إلا إذا كان الموصوف نكرة أو معرفة بلام الجنس فلا، والمبرد يشترط في الوصف بها صلاحية البدل في موضعه ؛ وقيل : إنه مبتدأ خبره محذوف أي لم يقولوا ولا يرد عليه شيء مما تقدم إلا أن فيه كلاماً سنذكره إن شاء الله تعالى عند قوله تعالى :﴿ إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مّنَ الساجدين ﴾ [ الأعراف : ١١ ].
﴿ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾ جملة معترضة أي وأنتم قوم عادتكم الإعراض والتولي عن المواثيق، ويؤخذ كونه عادتهم من الاسمية الدالة على الثبوت، وقيل : حال مؤكدة والتولي والإعراض شيء واحد ويجوز فصل الحال المؤكدة بالواو عند المحققين وفرق بعضهم بين التولي والإعراض بأن الأول قد يكون لحاجة تدعو إلى الانصراف مع ثبوت العقد والإعراض هو الانصراف عن الشيء بالقلب.
وقيل : إن التولي أن يرجع عوده إلى بدئه، والإعراض أن يترك المنهج ويأخذ في عرض الطريق والمتولي أقرب أمراً من المعرض لأنه متى عزم سهل عليه العود إلى سلوك المنهج والمعرض حيث ترك المنهج وأخذ في عرض الطريق يحتاج إلى طلب منهجه فيعسر عليه العود إليه.
ومن الناس من جوز أن يكون ( معرضون ) على ظاهره، والجملة حال مقيدة أي لم يتول القليل وأنتم معرضون عنهم ساخطون لهم فيكون في ذلك مزيد توبيخ لهم ومدحاً للقليل فهو بعيد كالقول بأنها مقيدة ومتعلق التولي والإعراض مختلف أي توليتم على المضي في الميثاق وأعرضتم عن اتباع هذا النبي صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١ صـ ٣٠٧ ـ ٣١٠﴾


الصفحة التالية
Icon