السؤال الثاني : لم لم يقل عاقبة الكافرين ؟ جوابه : الغرض أن يحصل التخويف لكل العصاة ثم إنه تعالى صبر رسوله على ما يناله من هؤلاء الكفار فقال :﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُن فِى ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ فجمع بين إزالة الغم عنه بكفرهم وبين إزالة الخوف من جانبهم، وصار ذلك كالتكفل بنصرته عليهم وقوله :﴿وَلاَ تَكُن فِى ضَيْقٍ﴾ أي في حرج قلب يقال ضاق الشيء ضيقاً وضيقاً بالفتح والكسر والضيق تخفيف الضيق، ويجوز أن يراد في أمر ضيق من مكرهم الوجه الثاني : للكفار قولهم :﴿متى هذا الوعد﴾ وقوله :﴿إِن كُنتُمْ صادقين﴾ دل على أنهم ذكروا ذلك على سبيل السخرية فأجاب الله تعالى بقوله :﴿عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الذى تَسْتَعْجِلُونَ﴾ وهو عذاب يوم بدر، فزيدت اللام للتأكيد كالباء في ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ﴾ [ البقرة : ١٩٥ ] أو ضمن معنى فعل يتعدى باللام نحو دنا لكم وأزف لكم، ومعناه تبعكم ولحقكم، وقرأ الأعرج ﴿رَدِفَ لَكُم﴾ بوزن ذهب وهما لغتان، والكسر أفصح، وههنا بحثان :
البحث الأول : أن عسى ولعل في وعد الملوك ووعيدهم يدلان على صدق الأمر، وإنما يعنون بذلك إظهار وقارهم، وأنهم لا يعجلون بالانتقام لوثوقهم بأن عدوهم لا يفوتهم، فعلى ذلك جرى وعد الله ووعيده.


الصفحة التالية
Icon