وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وإِذا وَقَعَ القَوْلُ عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض ﴾
﴿ وقع ﴾ بمعنى "وجب".
وفي المراد بالقول ثلاثة أقوال.
أحدها : العذاب، قاله ابن عباس.
والثاني : الغضب، قاله قتادة.
والثالث : الحُجَّة، قاله ابن قتيبة.
ومتى ذلك؟ فيه قولان.
أحدهما : إِِذا لم يأمروا بمعروف، ولم ينهَوا عن منكر، قاله ابن عمر، وأبو سعيد الخدري.
والثاني : إِذا لم يُرج صلاحُهم، حكاه أبو سليمان الدمشقي، وهو معنى قول أبي العالية.
والإِشارة بقوله :﴿ عليهم ﴾ إِلى الكفار الذين تخرج الدابَّة عليهم.
وللمفسرين في صفة الدابَّة أربعة أقوال.
أحدها : أنها ذات وبر وريش، رواه حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عباس : ذات زغب وريش لها أربع قوائم.
والثاني : أن رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن إِيَّل، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هرٍّ، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مَفصِلين اثنا عشر ذراعاً، رواه ابن جريج عن أبي الزبير.
والثالث : أن وجهها وجه رجل، وسائر خَلْقها كخَلْق الطَّير، قاله وهب.
والرابع : أن لها أربع قوائم وزغباً وريشاً وجناحين، قاله مقاتل.
وفي المكان الذي تخرج منه خمسة أقوال.
أحدها : من الصفا.
روى حذيفة بن اليمان عن النبي ﷺ [ أنه ] قال :" بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون، تضطرب الأرض تحتهم، وينشقُّ الصَّفا مِمَّا يلي المسعى، وتخرج الدابَّة من الصَّفا، أول ما يبدو منها رأسها، ملمَّعةٌ ذاتُ وَبَر وريش، لن يدركها طالب، ولن يفوتها هارب " وفي حديث آخر عن النبي ﷺ أنه قال :" طولها ستون ذراعاً "، وكذلك قال ابن مسعود : تخرج من الصفا.
وقال ابن عمر : تخرج من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها.


الصفحة التالية
Icon