وقال ابن عطية :
﴿ وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥) ﴾
التاء في ﴿ غائبة ﴾ للمبالغة، أي ما من شيء في غائبة الغيب والخفاء ﴿ إلا في كتاب ﴾ عند الله عز وجل وفي مكنون علمه، ثم نبه تعالى على ﴿ إن هذا القرآن ﴾ أخبر ﴿ بني إسرائيل ﴾ بأكثر الأشياء التي كان بينهم الخلاف في صفتها فجاءت في القرآن على وجهها، ثم وصفه تعالى بأنه هدى ورحمة للمؤمنين، كما أنه عمى على الكافرين المحتوم عليهم ومعنى ذلك أن كفرهم استتب مع قيام الحجة ووضوح الطريق فكثر عماهم بهذه الجهة ثم أخبر أن ذلك كله بقضاء من الله وحكم قضاه فيهم وبينهم، ثم أمره بالتوكل عليه والثقة بالله وبأنه ﴿ على الحق ﴾ أي إنك الجدير بالنصرة والظهور، ثم سلاه عنهم وشبههم ب ﴿ الموتى ﴾ من حيث الفائدة في القول لهؤلاء وهؤلاء معدومة فشبههم مرة ب ﴿ الموتى ﴾ ومرة ب ﴿ الصم ﴾، قال العلماء : الميت من الأحياء هو الذي يلقى الله بكفره.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : واحتجت عائشة رضي الله عنها في إنكارها أن النبي ﷺ أسمع موتى بدر بهذه الآية، ونظرت هي في الأمر بقياس عقلي ووقفت مع هذه الآية وقد صح أن النبي ﷺ قال " ما أنتم بأسمع منهم " فيشبه أن قصة بدر هي خرق عادة لمحمد عليه السلام في أن رد الله إليهم إدراكاً سمعوا به مقاله، ولولا إخبار رسول الله ﷺ بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين منهم.
وقد عورضت هذه الآية بالسلام على القبور وبما روي في ذلك من أن الأرواح تكون على شفير القبور في أوقات قالوا : فلو لم يسمع الميت لم يسلم عليه.


الصفحة التالية
Icon