وقال ابن عطية :
وقوله ﴿ إنما أمرت ﴾ بمعنى قل يا محمد لقومك ﴿ إنما أمرت ﴾، و﴿ البلدة ﴾ المشار إليها مكة، وقرأ جمهور الناس " الذي حرمها "، وقرأ ابن عباس وابن مسعود " التي حرمها " وأضاف في هذه الآية التحريم إلى الله تعالى من حيث ذلك بقضائه وسابق علمه وأضافه النبي ﷺ إلى إبراهيم في قوله
" إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة "، من حيث كان ظهور ذلك بدعائه ورغبته وتبليغه لأمته فليس بين الآية والحديث تعارض، وفي قوله ﴿ حرمها ﴾ تعديد نعمته على قريش في رفع الله تعالى عن بلدهم الغارات والفتن الشائعة في جميع بلاد العرب، وقوله ﴿ وله كل شيء ﴾ معناه بالملك والعبودية، وقرأ جمهور الناس " أن أتلو " عطفاً على قوله ﴿ أن أكون ﴾ وقرأ ابن مسعود " وأن اتل القرآن " بمعنى وقيل لي اتل القرآن و" اتل " معناه تابع بقراءتك بين آياته واسرده وتلاوة القرآن سبب الاهتداء إلى خير كثير، وقوله ﴿ فمن اهتدى ﴾ معناه من تكسب الهدى والإيمان ونظر نظراً ينجيه ف ﴿ لنفسه ﴾ سعيه.
قال القاضي أبو محمد : فنسبة الهدى والضلال إلى البشر في هذه الآية إنما هي بالتكسب والحرص والحال التي يقع عليها الثواب والعقاب والكل أيضاً من الله تعالى بالاختراع، وقوله ﴿ سيريكم آياته ﴾ توعد بعذاب الدنيا كبدر، والفتح، ونحوه وبعذاب الآخرة، وقرأ جمهور القراء " عما يعملون "، وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم عما " تعملون " بالتاء من فوق على مخاطبتهم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾