وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّما أُمِرْتُ ﴾
المعنى : قل للمشركين : إِنَّما أُمِرْتُ ﴿ أنْ أعبُد ربَّ هذه البلدة الذي حرَّمها ﴾ وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني :﴿ التي حرَّمها ﴾، وهي مكة، وتحريمها : تعظيم حرمتها بالمنع من القتل فيها والسبي والكفّ عن صيدها وشجرها، ﴿ وله كُلُّ شيء ﴾ لأنه خالقه ومالكه، ﴿ وأُمِرْتُ أن أكون من المسلِمِين ﴾ أي : من المخلِصِين لله بالتوحيد، ﴿ وأن أتلوَ القرآن ﴾ عليكم ﴿ فمن اهتدى فانَّما يهتدي لنفسه ﴾ أي : فله ثواب اهتدائه ﴿ ومَنْ ضَلَّ ﴾ أي : أخطأ [ طريق ] الهُدى ﴿ فَقُلْ إِنَّما أنا مِنَ المُنْذِرِين ﴾ أي : ليس عليَّ إِلا البلاغ ؛ وذكر المفسرون أن هذا منسوخ بآية السيف، ﴿ وقُلِ الحمدُ لله ﴾ أي : قُلْ لِمن ضَلَّ : الحمد لله الذي وفَّقَنا لقَبول ما امتنعتم منه ﴿ سيريكم آياته ﴾.
ومتى يريهم؟ فيه قولان.
أحدهما : في الدنيا.
ثم فيها ثلاثة أقوال.
أحدها : أن منها الدخان وانشقاق القمر، وقد أراهم ذلك، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : سيريكم آياته [ فتعرفونها ] في السماء، وفي أنفسكم، وفي الرِّزق، قاله مجاهد.
والثالث : القتل ببدر، قاله مقاتل.
والثاني : سيُريكم آياته في الآخرة فتَعْرِفونها على ما قال في الدنيا، قاله الحسن.
قوله تعالى :﴿ وما ربُّك بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ وقرأ نافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم ﴿ تعملون ﴾ بالتاء، على معنى : قل لهم، وقرأ الباقون بالياء، على أنه وعيد لهم بالجزاء على أعمالهم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon