وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبِّ هَذِهِ البلدة الذي حَرَّمَهَا ﴾
يعني مكة التي عظّم الله حرمتها ؛ أي جعلها حرماً آمناً ؛ لا يسفك فيها دم، ولا يظلم فيها أحد، ولا يصاد فيها صيد، ولا يعضد فيها شجر ؛ على ما تقدّم بيانه في غير موضع.
وقرأ ابن عباس :﴿ الَّتِي حَرَّمَهَا ﴾ نعتاً للبلدة.
وقراءة الجماعة ﴿ الَّذِي ﴾ وهو في موضع نصب نعت ل ﴿ رب ﴾ ولو كان بالألف واللام لقلت المحرِّمَها ؛ فإن كانت نعتاً للبلدة قلت المحرِّمِها هو ؛ لا بدّ من إظهار المضمر مع الألف واللام ؛ لأن الفعل جرى على غير من هو له ؛ فإن قلت الذي حرمها لم تحتج أن تقول هو.
﴿ وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ ﴾ خلقاً وملكاً.
﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين ﴾ أي من المنقادين لأمره، الموحِّدين له.
﴿ وَأَنْ أَتْلُوَ القرآن ﴾ أي وأمرت أن أتلو القرآن، أي أقرأه.
﴿ فَمَنِ اهتدى ﴾ فله ثواب هدايته.
﴿ وَمَن ضَلَّ ﴾ فليس عليّ إلا البلاغ ؛ نسختها آية القتال.
قال النحاس :﴿ وَأَنْ أَتْلُوَ ﴾ نصب بأن.
قال الفرّاء : وفي إحدى القراءتين ﴿ وَأَنِ اتْلُ ﴾ وزعم أنه في موضع جزم بالأمر فلذلك حذف منه الواو، قال النحاس : ولا نعرف أحداً قرأ هذه القراءة، وهي مخالفة لجميع المصاحف.
قوله تعالى :﴿ وَقُلِ الحمد للَّهِ ﴾ أي على نعمه وعلى ما هدانا.
﴿ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ ﴾ أي في أنفسكم وفي غيركم كما قال :﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ ﴾ [ فصلت : ٥٣ ].
﴿ فَتَعْرِفُونَهَا ﴾ أي دلائل قدرته ووحدانيته في أنفسكم وفي السموات وفي الأرض ؛ نظيره قوله تعالى :﴿ وَفِي الأرض آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ ﴾ [ الذاريات : ٢٠ ٢١ ].