بالظلم "إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" ١٦ كثير الرحمة بأوليائه الأبرار وقد ستره اللّه عليه فلم يشاهده أحد عند الضرب ولا عند الدفن "قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ" بالستر والمغفرة، وأقلت عثرتي وقبلت توبتي "فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً" معاونا ونصيرا أبدا "لِلْمُجْرِمِينَ" ١٧ الذين يوقعون غيرهم
بالإجرام، الذين تؤدي معاونتهم إلى إيقاع الجرم، ويجرونهم إلى الخطأ والهفوات.
واعلم انه عليه السلام انما عرف أن اللّه تعالى غفر له ولم يتنبأ بعد فبإلهام من اللّه قذف في روعه الشريف، وكان عمره إذ ذاك اثنتي عشرة سنة ومن كان في هذا السن لا يعاقب كما مر لك في الآية ١٩ من الشعراء، والمادة ٤٠ من قانون الجزاء تنص على هذا، وما قيل انه برؤيا رآها يستبعدها العطف بالفاء، ولمّا لم يستثنى ابتلاء اللّه ثانيا، قال تعالى "فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ" التي قتل فيها القبطي "خائِفاً يَتَرَقَّبُ" حلول المكروه من أولياء المقتول أو من فرعون، ويترصد الأخبار ليعرف هل وقف أحد على فعلته هذه أم لا، لأنه أمن من الجزاء المعنوي بمغفرة اللّه وبقي الجزاء الحسيّ وقد أشغل فكره ذلك، إذ صار يتوقع القبض عليه ويترقب المكروه في نفسه "فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ" يستغيث به عن بعد من قبطي آخر معه "قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ" أيها الاسرائيلي "لَغَوِيٌّ مُبِينٌ" ١٨ مظهر الغواية خال عن الرشد، إنّك قاتلت رجلا بالأمس فاستغثت بي عليه فقتلته بسببك، والآن تقاتل غيره ؟


الصفحة التالية
Icon