قالوا وكان مؤمن آل فرعون حاضرا حينما جاء أولياء المقتول وأخبروا فرعون وأمر بإحضاره، وبما أنه آلى على نفسه إدامة النصح لموسى تغيب حالا عن المجلس، وسار ليخبر موسى، وهو المعنى بقوله تعالى "وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعى " يهرول ويسرع في مشيه، وكان سلك أقرب الطرق التي سلكته الشرطة للقبض على موسى لينذره بالخطر عليه من بقائه في مصر كلها والمدينة المار ذكرها في الآية ١٤، قالوا ان اسمها منف أو عين شمس أو حابين، واسم المؤمن حزقيل، ولما وصل إليه "قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ" الملك ووزراؤه يبشاورون بشأنك "لِيَقْتُلُوكَ" بالقبطي قصاصا، سمى التشاور ائتمارا، لأن كلا من المستشير والمستشار يأتمر بأمر صاحبه، وقد استدل القرضي وغيره أن النميمة لمصلحة دينية جائزة كما هنا، وكذلك الكذب لمطلق مصلحة مشروعة "فَاخْرُجْ" الآن "إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ" ٢٠ وكان موسى يعرفه لأنه كان يتفقده دائما وهو واثق به، وله موقف عال سيأتي في الآية ٣٨ من سورة المؤمن في ج ٢
"فامتثل موسى" حالا بدليل قوله "فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً" على نفسه من آل فرعون، لان العطف بالفاء يدل على التعقيب بلا فاصلة عما قبله "يَتَرَقَّبُ" الطلب لئلا يلحقه فيأخذه إلى فرعون، وفي هذه الآية دلالة على أن النصح مطلوب والاخذ به كذلك، والنصيحة بين المسلمين واجبة، وقد حث عليه الرسول كثيرا، ولجأ موسى إلى ربه عز وجل لعلمه أن لا ملجأ له إلا إليه "قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" ٢٦ فأجاب دعاءه وأعمى الشرطة عن رؤيته وعن الالتحاق به "وَلَمَّا تَوَجَّهَ" بتوفيق اللّه إياه "تِلْقاءَ مَدْيَنَ" جهتها وقد ساقه اللّه


الصفحة التالية
Icon