لطريقها، وهو لا يعرفه، لان أهالي مدين من نسل إبراهيم جده عليه السلام ولحكمة أرادها اللّه كما سيأتي، قالوا وبين مصر ومدين ثمانية أيام، راجع الآية ٤٠ من سورة طه المارة، فسار هذه المسافة على قدميه لم يأكل ولم يشرب إلا من نبات الأرض وما يجده من الغدران، ومو تربى تربية ملوكيّة، وهذا أول بلاء أصابه، لأنه لما يعرف العناء، ولما لم يعرف أين يسير "قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ" ٢٢ الطريق المعدل الموصل إلى ما به النجاة والسواء بمعنى الوسط، وذلك انه صادف مفترق الطرق فألهمه اللّه أن يسلك الوسط منهما وقيل أن اللّه أرسل ملكا أرشده إليه فسلكه، قالوا ولما وصل الّذين تعقبوه إلى ذلك المفرق لم يعرفوا أي طريق سلكه كي يتعقبّوه عليه، فقر رأيهم على أن الخائف لا بسلك الطريق السوي بل يسلك بنياته، فسلكوا غير الطريق التي سلكها ليتم مراد اللّه الذي أجاب دعاءه بنجاته منهم، ولذلك فإن الطلب صل مقصوده فرجع خائبا وموسى بلغه "وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ" بئرها المعد لسقي المواشي "وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ" ٢٣ أعناقهم ودوابهم.


الصفحة التالية
Icon