واعلم أن لفظ الام من المبهم أحد أقسام البديع، وله تمان معان فمعناها في قولك نحن من أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم (الجماعة) وفي رجل جامع للخير يقتدى به كقوله تعالى (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) الآية ١٢٠ من سورة النحل في ج ٢ (الرجل الفذ الجامع) وتأتي بمعنى الحين والزمان في قوله تعالى (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وقوله (إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) وقوله (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) وتأتي بمعنى القامة يقال فلان حسن الامة، وتأتي نعتا للرجل المنفرد بدين قال صلّى اللّه عليه وسلم يبعت زيد بن عمرو بن تفيل أمة وحده، ويطلق على الام أيضا "وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ" بمكان بعيد عنهم أسفل منهم "تَذُودانِ" اغنامهما وتمنعانها من التقرب إلى محل الورود والذود هو المنع فتقرب موسى منهما "قالَ ما خَطْبُكُما" ما شأنكما لا تتركان مواسيكما لتقرب نحو الماء "قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ" مواسيهم عن الماء لأنا لا نستطيع مزاحمتهم حال الورود، فاذا صدروا عن الماء أسقينا أغنامنا ما يفضل في الحياض، لأنا لا نقدر أن نستقى بأنفسنا ونخشى القوم
إذا أطلقنا مواشينا على حياضهم، لذلك نزودها حتى يكتفوا وما لنا أخ "وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ" ٢٤ عاجز لا يقدر أن يحضر إلى محل الماء، وذكرنا له بأن اسمه شعيب من نسل إبراهيم، وقرىء رعاء بضم الراء على خلاف القياس، لأنه من أبنية المصادر والمفردات كنباح وطراح، وإذا استعمل بمعنى الجمع على القراءة الشاذة فهو اسم جمع لا جمع، وقيل جمع أصلي والضم فيه بدل من الكسر، كما أبدل من الفتح في نحو سكارى، والوارد منه في كلام العرب ألفاظ محصورة ذكرها الخفاجي في شرح درّة الغواص، والمشهور منها ثمانية نظمها صدر الأفاضل وقيل الزمحشري بقوله :
ما سمعنا كلما غير ثمان هي جمع وهي في الوزن فعال


الصفحة التالية
Icon