بعض النسخ أنه قال (يا ربّ ابعث من أنت باعثه) وهذا من التحريف المحض، راجع الآية ٧٤ من سورة يونس ج ٢ إذ يكذبه قوله تعالى "وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً" بيانا بالنطق بسبب العقدة التي في لسانه، راجع الآية ١٣ من الشعراء المارة تعلم أن اللّه أزالها منه "فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي" بزيادة بيانه وتلخيص الدلائل التي أعرضها عليهم، والإجابة عن الشبهات التي يلقونها علي بكلام فصيح لا ركاكة فيه، ويكون عونا لي عليهم، فأتثبت بالمقام وأوضح الكلام "إِنِّي أَخافُ" إذا ذهبت إليهم وحدي "أَنْ يُكَذِّبُونِ" ٣٤ فيتغلبوا عليّ في المجادلة فيظنوني كاذبا في دعواي، فلو كان قصده ما زعمته اليهود لقال أرسل هارون لم يقل اجعله عونا لي ولم يستطرد الكلام إلى الفصاحة، قاتل اللّه اليهود لم يتركوا شيئا حقا الا عمدوا إلى تغييره، فأجاب اللّه طلبه "قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ" ونقوبك به، وهذا المراد في قوله بصدقي لا أن يقول له صدقت في دعواك كما ذكره الغير، لأن هذا يقدر عليه الفصيح والأبكم (فسحبان وباقل فيه سواء) لأن موسى يريد بقوله هو أفصح مني إلخ أي يقدر على الرد عليهم في المجادلة ببيان أوضح من بياني، وهذه سعادة زفت إلى هرون عفوا من اللّه إذ جاءته الرسالة بمطلق طلب أخيه المقدر عليها أزلا، ويرحم اللّه الأبوصيري إذ يقول :
وإذا سخر الإله سعيدا لأناس فإنهم سعداء


الصفحة التالية
Icon