هذا ويشير نفي محبة اللّه لمثل هؤلاء إلى بغضه لهم وكراهته إياهم، لأن من لا يحبه اللّه يبغضه، وينّبه إلى أن عدم المحبة كاف في الزجر عما نهى اللّه عنه
"وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ" من المال في هذه الدنيا "الدَّارَ الْآخِرَةَ" بأن تنفق منه لأجلها مرضاة الذي أعطاكه وشكرا لنعمه "وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا" كي تنجو من عذاب الآخرة.
مطلب في معنى النصيب وفوائد أخرى :
والنصيب هو حظّ الرجل من عمل الدنيا بلاغا للآخرة، أي اعمل لآخرتك كما تعمل لدنياك، وقيل النصيب هو الكفن، وقيل فيه :
نصيبك مما تجمع الدهر كله رداءان تلوّى فيهما وحنوط
وفي الحقيقة ان آخر ما يأخذه ابن آدم من ماله الذي جمعه من حلال وحرام بكدّ يمينه وعرق جبينه الذي يقدم غدا على المحاسبة عليه أمام الملك العلام هو الكفن وشيء من الطيب لا غير، هذا ان قدر له الموت على الفراش، وإلا فقد لا يحصل على ذلك ان مات غرقا أو حرقا أو أكله السباع، فالسعيد من أمسك من ماله ما يكفيه وتصدق بالفضل لصلة رحمه وفقراء أمته ليدخر ثوابه في الدار الباقية، لأن هذه زائلة لا محالة ولو عمّر فيها ما عمر وقبل في المعنى :
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول
والقول الفصل ما قاله سيد الرسل : عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به.


الصفحة التالية
Icon