وخلاصة القصة قال الأخباريون إن كاهنا من قوم فرعون أخبره بأن هلاكه وملكه سيكون على يد رجل يولد من بني إسرائيل، وأشار عليه أن يأخذ حذره، ويستعد لعاقبة الأمر لأنه واقع لا محالة، وقد رعب فرعون من هذا الخبر، فرأى غضب اللّه عليه أن يأمر بقتل كل ولد ذكر يولد من بني إسرائيل، من تاريخ إخباره من قبل الكاهن لسلامة نفسه وملكه، وهذا من فظاعة عتوه وبغيه وكبير كبريائه وطغيانه وكثير جهله وحمقه لشدة حرصه وطمعه في الدنيا اقتداء بأخيه النمرود حيث فعل فعله هذا حينما أخبره الكاهن بمثل ما أخبر فرعون، وصار يقتل الأولاد ويترك الإناث، ولكن اللّه تعالى لم يسلطه على إبراهيم، وقد كان هلاكه بسببه كما ستأتي قصته في الآية ٨٣ من سورة الأنعام في ج ٢، مع أنه يعلم أن لا راد لما قضى اللّه ولا مانع لما أراده، ولكن تهالكه على الملك أعمى بصره وبصيرته، وإن أخذه يقول الكاهن دليل على قلة عقله، لأنه إن صدقه لم ينفعة القتل، لأنه قال له سيكون ذلك، وإن كذبه فلا معنى للقتل، قالوا عين حراسا وقوابل من القبط على نساء بني إسرائيل، وأمرهم بأن يذبحوا كل مولود
ذكر ويتركوا الأنثى، وقد أقره وزراؤه على ذلك وعظماء جنوده أيضا، ولهذا خطأهم اللّه جميعا وعمهم بعذابه، قالوا ولما حملت أم موسى كتمت أمرها عن جميع الناس حتى عن ذويها، وكانت إحدى القوابل صاحبة لها فلما جاءها المخاض حضرت فولدتها فرأت ما هالها من نور عينيه، وارتعش كل مفصل منها ورجف فؤادها، فقالت لأمه هذا واللّه عدوّنا الذي أخبر به الكاهن، لأنها قبطية، ولكن أحببته حبا شديدا، فاحتفظي به عن أعين الناس، وسأكتم أمره، وخرجت من عندها.


الصفحة التالية
Icon