وقال ابن عطية :
ثم قال عليه السلام لربه معاهداً ﴿ رب ﴾ بنعمتك علي وبسبب إحسانك وغفرانك فأنا ملتزم ألا أكون معيناً ﴿ للمجرمين ﴾ هذا أحسن ما تؤول.
وقال الطبري إنه قسم أقسم بنعمة الله تعالى عنده ويضعفه صورة جواب القسم فإنه غير متمكن في قوله ﴿ فلن أكون ﴾، والقسم لا يتلقى ب " لن "، والفاء تمنع أن تنزل " لن " منزلة " لا " أو " ما " فتأمله واحتج الطبري بأن في قراءة عبد الله " فلا تجعلني ظهيراً ".
قال الفقيه الإمام القاضي : واحتج أهل العلم والفضل بهذه الآية في خدمة أهل الجور ومعونتهم في شيء من أمرهم ورأوا أنها تتناول ذلك، نص عليه عطاء بن أبي رباح وغيره، وقوله تعالى ﴿ فأصبح ﴾ عبارة عن كونه دائم الخوف في كل أوقاته كما تقول : أصبح زيد عالماً، و﴿ يترقب ﴾ معناه عليه رقبة من فعله في القتل فهو متحسس، قال ابن عباس : فمر وهو بحالة الترقب وإذا ذلك الإسرائيلي الذي قاتل القبطي بالأمس يقاتل آخر من القبط، وكان قتل القبطي قد خفي عن الناس واكتتم فلما رأى الإسرائيلي موسى استصرخه بمعنى صاح به مستغيثاً ومنه قول الشاعر [ سلامة بن جندل ] :[ البسيط ]
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع... كان الصراخ له فزع الظنابيب
فلما رأى موسى قتاله لآخر أعظم ذلك وقال له معاتباً ومؤنباً ﴿ إنك لغوي مبين ﴾ وكانت إرادة موسى مع ذلك أن ينصر الإسرائيلي فلما دنا منهما خشي الإسرائيلي وفزع منه وظن أنه ربما ضربه وفزع من قوته التي رأى بالأمس فناداه بالفضيحة وشهر أمر المقتول.
فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ