ولما اقتضى هذا القول أنه آواه إليه، علمت انتباه مضمونه، وكانتا قد رأتا من كفايته وديانته ما يرغب في عشرته، فتشوفت النفس إلى حالهما حينئذ، فقال مستأنفاً لذلك :﴿قالت إحداهما﴾ أي المرأتين.
قيل : وهي التي دعته إلى أبيها مشيرة بالنداء بأداة البعد إلى استصغارها لنفسها وجلالة أبيها :﴿يا أبت استأجره﴾ ليكفينا ما يهمنا ؛ ثم عللت قولها فقالت مؤكدة إظهاراً لرغبتها في الخير واغتباطها به :﴿إن خير من استأجرت﴾ لشيء من الأشياء ﴿القوي﴾ وهو هذا لما رأيناه من قوته في السقي ﴿الأمين﴾ لما تفرسنا فيه من حيائه، وعفته في نظره ومقاله وفعاله، وسائر أحواله ؛ قال أبو حيان : وقولها قول حكيم جامع، لأنه إذا اجتمعت الأمانة والكفاية في القائم بأمر فقد تم المقصود.
﴿قال﴾ أي شعيب عليه الصلاة والسلام، وهو في التوراة يسمى : رعوئيل - بفتح الراء وضم العين المهملة وإسكان الواو ثم همزة مكسورة بعدها تحتانية ساكنة ولام، ويثرو - بفتح التحتانية وإسكان المثلثة وضم الراء المهملة وإسكان الواو ﴿إني أريد﴾ يا موسى، والتأكيد لأجل أن الغريب قل ما يرغب فيه أول ما يقدم لا سيما من الرؤساء أتم الرغبة ﴿أن أنكحك﴾ أي أزوجك زواجاً، تكون وصلته كوصلة أحد الحنكين بالآخر ﴿إحدى ابنتي ﴾.