ويقول تعالى في أصحاب القدوة السيئة :﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ... ﴾ [ النحل : ٢٥ ].
فكان فرعون وملؤه أسوة في الشر، وأسوة في الضلال والإرهاب والجبروت، وكذلك سيكونون في الآخرة أئمة وقادة، لكن إلى النار ﴿ وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ ﴾ [ القصص : ٤١ ].
قوله تعالى :﴿ وَأَتْبَعْنَاهُم... ﴾ [ القصص : ٤٢ ] يعني : جعلنا من خلفهم :﴿ فِي هَذِهِ الدنيا لَعْنَةً... ﴾ [ القصص : ٤٢ ] فكل مَنْ ذكرهم في الدنيا يقول : لعنهم الله، فعليهم لعنة دائمة باقية ما بقيتْ الدنيا، وهذا اللعْن والطرد من رحمة الله ليس جزاء أعمالهم، إنما هو مقدمة لعذاب بَاقٍ وخالد في الآخرة، كما قال تعالى :﴿ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ... ﴾ [ الطور : ٤٧ ].
﴿ وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِّنَ المقبوحين ﴾ [ القصص : ٤٢ ] مادة : قبح، تقول للشرير : قبَّحك الله، أي : طردك وأبعدك عن الخير. ولها استعمال آخر : تقول : قَبَحْتُ الدُّمل أي : فتحته ونكأته قبل نُضْجه فيخرج منه الدم مع الصديد ويشوه مكانه.
وسبق أنْ قُلْنا : إن الدُّمَّل إذا تركته للصيدلية الربانية في جسمك حتى يندمل بمناعة الجسم ومقاومته تجده لا يترك أثراً، أما إنْ تدخلت فيه بالأدوية والجراحة، فلا بُدَّ أنْ يترك أثراً، ويُشوِّه المكان.
ويكون المعنى إذن :﴿ هُمْ مِّنَ المقبوحين ﴾ [ القصص : ٤٢ ] أي : الذين تشوَّهَتْ وجوههم بعد نعومة الجلد ونضارته، وقد عبَّر القرآن عن هذا التشويه بصور مختلفة.
يقول تعالى :﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴾ [ عبس : ٤٠-٤١ ].
ويقول سبحانه ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ... ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ].


الصفحة التالية
Icon