وفي قوله سبحانه ﴿ واستكبر هو وجنوده في الأرض ﴾ يعني أرض مصر ﴿ بغير الحق ﴾ إشارة إلى أن الاستكبار بالحق إنما هو لله تعالى كما جاء في الحديث القدسي " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري " فهو كقوله ﴿ ويقتلون النبيين بغير الحق ﴾ [ البقرة : ٦١ ] وفي قوله ﴿ وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ﴾ دليل على أنهم كانوا منكري البعث كالطبائعيين. وفي قوله ﴿ فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ﴾ دلالة على علو شأنه تعالى وعظمة سلطانه وإشارة إلى استحقار فرعون وجنوده وعدده وإن كانوا أكثر من رمال الدهناء كأنه شبههم بحصيات أخذهن أحد في كفه فطرحهن في البحر. استدلت الأشاعرة بقوله ﴿ وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ﴾ أن خالق الشر وجاعل الكفر هو الله سبحانه. وقالت المعتزلة : معنى الجعل التسمية والحكم بذلك كما يقال : جعله بخيلاً وفاسقاً إذا حكم بالبخل والفسق عليه وسماه بالبخيل والفاسق، أو أراد خذلناهم ومنعناهم الألطاف حتى كانوا أئمة الكفر داعين إلى النار أي إلى موجباتها من الكفر والمعاصي. وقال أبو مسلم : معنى الإمامة التقدم وذلك أنه تعالى عجل لهم العذاب فصاروا متقدمين لمن وراءهم من الكفرة إلى النار. وقال بعضهم : أراد بالإمامة أنهم بلغوا في ذلك الباب أقصى النهايات حتى أستحقوا أن يقتدى بهم. ثم بين بقوله ﴿ ويوم القيامة لا ينصرون ﴾ أن عقاب الآخرة سينزل بهم على وجه لا يمكن التخلص منه. وقال في الكشاف : اراد وخذلناهم في الدنيا ويوم القيامة هم مخذولون كما قال ﴿ وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ﴾ اي طرداً وإبعاداً عن الرحمة ﴿ ويوم القيامة هم من المقبوحين ﴾ أي من المطرودين المبعدين : وقالت الليث : قبحه الله قبحاً بالفتح وقبحاً بالضم أي نجاه عن كل خير. وقال ابن عباس : من المشهورين بسواد الوجه وزرقة العين. وعن بعضهم أنه تعالى يقبح صورهم ويقبح عليهم عملهم فيجمع لهم بين الفضيحتين. أ هـ ﴿غرائب القرآن حـ ٥ صـ ٣٣٧ ـ ٣٤٤﴾