وقرأ حمزة، والكسائي، ونافع : لا يرجون، مبنياً للفاعل ؛ والجمهور : مبنياً للمفعول.
والأرض هنا أرض مصر.
﴿ فنبذناهم في اليم ﴾ : كناية عن إدخالهم في البحر حتى غرقوا، شبهوا بحصيات.
قذفها الرامي من يده، ومنه نبذ النواة، وقول الشاعر :
نظرت إلى عنوانه فنبذته...
كنبذك نعلاً من نعالك باليا
وقوم فرعون وفرعون، وإن ساروا إلى البحر باختيارهم في طلب بني إسرائيل، فإن ما ضمهم من القدر السابق، وإغراقهم في البحر، هو نبذ الله إياهم.
وجعل هنا بمعنى : صير، أي صيرناهم أئمة قدوة للكفار يقتدون بهم في ضلالتهم، كما أن للخير أئمة يقتدى بهم، اشتهروا بذلك وبقي حديثهم.
وقال الزمخشري : وجعلناهم : دعوناهم، أئمة : دعاة إلى النار، وقلنا : إنهم أئمة دعاة إلى النار، وهو من قولك : جعله بخيلاً وفاسقاً إذا دعاه فقال : إنه بخيل وفاسق.
ويقول أهل اللغة في تفسير فسقه وبخله : جعله بخيلاً وفاسقاً، ومنه قوله عز وجل :﴿ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ﴾ ومعنى دعوتهم إلى النار : دعوتهم إلى موجباتها من الكفر. انتهى.
وإنما فسر جعلناهم بمعنى دعوناهم، لا بمعنى صيرناهم، جرياً على مذهبه من الاعتزال، لأن في تصييرهم أئمة، خلق ذلك لهم.
وعلى مذهب المعتزلة، لا يجوّزون ذلك من الله، ولا ينسبونه إليه، قال : ويجوز خذلناهم حتى كانوا أئمة الكفر، ومعنى الخذلان : منع الإلطاف، وإنما يمنعها من علم أنه لا ينفع فيه، وهو المصمم على الكفر، الذي لا تغني عنه الآيات والنذر.
انتهى، وهو على طريقة الاعتزال أيضاً.
﴿ لعنة ﴾ : أي طرداً وإبعاداً، وعطف يوم القيامة على :﴿ في هذه الدنيا ﴾.
﴿ من المقبوحين ﴾، قال أبو عبيدة : من الهالكين.
وقال ابن عباس : من المشوهين الخلقة، لسواد الوجوه وزرقة العيون.
وقيل : من المبعدين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon