وقال أبو السعود :
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾
قاله اللعينُ بعدَ ما جمعَ السَّحرةَ وتصدَّى للمُعارضةِ فكانَ من أمِرهم ما كانَ ﴿ فَأَوْقِدْ لِى ياهامان ياهامان عَلَى الطين ﴾ أي أصنعْ آجرَّاً ﴿ فاجعل لّى ﴾ منه ﴿ صَرْحاً ﴾ أي قصراً رفيعاً ﴿ لَّعَلّى أَطَّلِعُ إلى إله موسى ﴾ كأنَّه توهَّم أنَّه لو كان لكان جسماً في السَّماءِ يمكن الرُّقيُّ إليه ثم قال :﴿ وَإِنّى لاظُنُّهُ مِنَ الكاذبين ﴾ أو أرادَ أنْ يبنيَ له رَصَداً يترصَّدُ منه أوضاعَ الكواكبِ فيرى هل فيها ما يدلُّ على بعثةِ رسولٍ وتبدلِ دولتِه. وقيل : المرادُ بنفي العلمِ في المعلومِ كما في قولِه تعالى :﴿ قُلْ أَتُنَبّئُونَ الله بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى السموات وَلاَ فِى الأرض ﴾ فإنَّ معناهُ بما ليس فيهنَّ وهذا من خواصِّ العلومِ الفعليةِ فإنَّها لازمةٌ لتحققِ معلوماتِها فيلزم من انتفائِها انتفاءُ معلوماتِها ولا كذلكَ العلومُ الانفعاليةُ، قيل أولُ من اتَّخذَ الآجرَّ فرعونُ ولذلك أُمرِ باتخاذِه على وجهٍ يتضمَّنُ تعليمَ الصَّنعةِ مع ما فيهِ من تعظمٍ، ولذلك نادى هامانَ باسمهِ بيا في وسطِ الكلامِ ﴿ واستكبر هُوَ وَجُنُودُهُ فِى الأرض ﴾ أرضِ مصرَ ﴿ بِغَيْرِ الحق ﴾ بغيرِ استحقاقٍ ﴿ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ ﴾ بالبعثِ للجزاءِ. وقُرىء بفتحِ الياءِ وكسرِ الجيمِ من رجعَ رجُوعاً والأولُ من رجع رجعاً وهو الأنسبُ بالمقامِ.