وقال الآلوسى :
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يا أيها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى ﴾
قاله اللعين بعدما جمع السحرة وتصدى للمعارضة، والظاهر أنه أراد حقيقة ما يدل عليه كلامه وهو نفي علمه بإله غيره دون وجوده فإن عدم العلم بالشيء لا يدل على عدمه، ولم يجزم بالعدم بأن يقول : ليس لكم إله غيري مع أن كلاً من هذا وما قاله كذب، لأن ظاهر قول موسى عليه السلام له لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر يقتضي أنه كان عالماً بأن إلههم غيره، وما تركه أوفق ظاهراً بما قصده من تبعيد قومه عن اتباع موسى عليه السلام اختياراً لدسيسة شيطانية وهو إظهار أنه منصف في الجملة ليتوصل بذلك إلى قبولهم ما يقوله لهم بعد في أمر الإله وتسليمهم إياه له اعتماداً على ما رأوا من إنصافه فكأنه قال ما علمت في الأزمنة الماضية لكم إلهاً غيري كما يقول موسى، والأمر محتمل وسأحقق لكم ذلك.
﴿ فَأَوْقِدْ لِى ياهامان عَلَى الطين ﴾ أي اصنع لي آجراً ﴿ فاجعل لّى ﴾ منه ﴿ صَرْحاً ﴾ أي بناءً مكشوفاً عالياً من صريح الشيء إذا ظهر ﴿ لَّعَلّى أَطَّلِعُ ﴾ أي أطلع وأصعد فأفتعل بمعنى الفعل المجرد كما في "البحر" وغيره.