الأولى : قوله تعالى :﴿ أولئك يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ ﴾ ثبت في "صحيح مسلم" عن أبي موسى أن رسول الله ﷺ قال :" ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبيّ ﷺ فآمن به واتبعه وصدّقه فله أجران وعبد مملوك أدّى حق الله عز وجل وحق سيده فله أجران ورجل كانت له أمة فغذاها فأحسن غذاءها ثم أدّبها فأحسن أدبها ثم أعتقها وتزوّجها فله أجران " قال الشعبي للخراساني : خذ هذا الحديث بغير شيء، فقد كان الرجل يرحل فيما دون هذا إلى المدينة وخرجه البخاري أيضاً.
قال علماؤنا : لما كان كل واحد من هؤلاء مخاطباً بأمرين من جهتين استحق كل واحد منهم أجرين ؛ فالكتابي كان مخاطباً من جهة نبيه، ثم أنه خوطب من جهة نبيّنا فأجابه واتبعه فله أجر الملتين، وكذلك العبد هو مأمور من جهة الله تعالى ومن جهة سيده، ورب الأمة لما قام بما خوطب به من تربيته أمته وأدبها فقد أحياها إحياء التربية، ثم إنه لما أعتقها وتزوّجها أحياها إحياء الحرّية التي ألحقها فيه بمنصبه، فقد قام بما أمر فيها، فأجر كل واحد منهما أجرين.
ثم إن كل واحد من الأجرين مضاعف في نفسه، الحسنة بعشر أمثالها فتتضاعف الأجور.
ولذلك قيل : إن العبد الذي يقوم بحق سيده وحق الله تعالى أفضل من الحرّ، وهو الذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البر وغيره.
وفي "الصحيح" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" للعبد المملوك المصلح أجران " والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك.
قال سعيد بن المسيّب : وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمّه لصحبتها.
وفي "الصحيح" أيضاً عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" نعمّا للمملوك أن يُتوفَّى يحسن عبادة الله وصحابة سيده نعمّا له ".