ولما كان ربما ظن من أجل الإخبار بتوصيل القول وتعليله ونحو ذلك من أشباهه أن شيئاً من أفعالهم يخرج عن القدرة، قال نافياً لهذا الظن مشيراً إلى الغلط في اعتقاده بقوله :﴿ولكن الله﴾ المتردي برداء الجلال والكبرياء والكمال وله الأمر كله ﴿يهدي من يشاء﴾ هدايته بالتوفيق إلى ما يرضيه ﴿وهو﴾ أي وحده ﴿أعلم بالمهتدين﴾ أي الذين هيأهم لتطلب الهدى عند خلقه لهم، فيكونوا عريقين فيه سواء كانوا من أهل الكتاب أو العرب، أقارب كانوا أو أباعد، روى البخاري في التفسير عن سعيد بن المسيب عن أبيه ـ رضى الله عنه ـ :" قال لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله ـ ﷺ ـ فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيره، فقال : أي عم! قل : لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله ـ ﷺ ـ يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله، قال رسول الله ـ ﷺ ـ : والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله عز وجل ﴿ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى﴾ وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله ـ ﷺ ـ ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ - الآية - "
انتهى وقال في كتاب التوحيد :﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾ قال سعيد بن المسيب عن أبيه ـ رضى الله عنه ـ : نزلت في أبي طالب، وفي مسلم عن أبي هريرة ـ رضى الله عنه ـ أن النبي ـ ﷺ ـ أمره بالتوحيد فقال : لولا أن تعيرني نساء قريش لأقررت بها عينك فأنزل الله الآية.


الصفحة التالية
Icon