فصل
قال الفخر :
﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾
اعلم أن في قوله تعالى :﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاء﴾ مسائل :
المسألة الأولى :
هذه الآية لا دلالة في ظاهرها على كفر أبي طالب ثم قال الزجاج : أجمع المسلمون على أنها نزلت في أبي طالب وذلك أن أبا طالب قال عند موته يا معشر بني عبد مناف أطيعوا محمداً وصدقوه تفلحوا وترشدوا، فقال عليه السلام " يا عم تأمرهم بالنصح لأنفسهم وتدعها لنفسك! قال فما تريد يا ابن أخي ؟ قال أريد منك كلمة واحدة، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا أن تقول لا إله إلا الله، أشهد لك بها عند الله تعالى، قال يا أخي قد علمت أنك صادق ولكني أكره أن يقال جزع عند الموت ولولا أن يكون عليك وعلى بني إبيك غضاضة ومسبة بعدي لقلتها ولأقررت بها عينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصحك، ولكني سوف أموت على ملة الأشياخ عبد المطلب وهاشم وعبد مناف ".
المسألة الثانية :
أنه تعالى قال في هذه الآية :﴿إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ وقال في آية أخرى :﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ﴾ [ الشورى : ٥٢ ] ولا تنافي بينهما فإن الذي أثبته وأضافه إليه الدعوة والبيان والذي نفى عنه هداية التوفيق، وشرح الصدر وهو نور يقذف في القلب فيحيا به القلب كما قال سبحانه :﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا﴾ [ الأنعام : ١٢٢ ] الآية.
المسألة الثالثة :