أجمع جل المفسرين على أن قوله تعالى ﴿ إنك لا تهدي من أحببت ﴾ إنما نزلت في شأن أبي طالب عم رسول الله ﷺ، قال أبو هريرة وابن المسيب وغيرهما : إن النبي ﷺ دخل عليه وهو يجود بنفسه فقال له :" أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله "، وكان بحضرته عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل بن هشام فقالا له : أترغب عن ملة عبد المطلب يا أبا طالب؟ فقال أبو طالب : يا محمد لولا أني أخاف أن يعير بها ولدي من بعدي لأقررت بها عينك، ثم قال أبو طالب : أنا على ملة عبد المطلب والأشياخ، فتفجع رسول الله ﷺ وخرج عنه فمات أبو طالب على كفره فنزلت هذه الآية، قال أبو روق : قوله تعالى :﴿ ولكن الله يهدي من يشاء ﴾، إشارة إلى العباس، والضمير في قوله ﴿ وقالوا ﴾ لقريش، قال ابن عباس والمتكلم بذلك فيهم الحارث بن نوفل وقصد الإخبار بأن العرب تنكر عليهم رفض الأوثان وفراق حكم الجاهلية فتخطفهم من أرضهم، وقوله و﴿ الهدى ﴾ معناه على زعمك، وحكى الثعلبي أنه قال له إنا لنعلم أن الذي تقول حق ولكن إن اتبعناك تخطفنا العرب فقطعهم الله تعالى بالحجة، أي أليس كون الحرم لكم مما يسرناه وكففنا عنكم الأيدي فيه فكيف بكم لو أسلمتم واتبعتم ديني وشرعي، وروي عن أبي عمرو " نتخطفُ " بضم الفاء، و" أمن الحرم " هو أن لا يغزى ولا يؤذى فيه أحد، وقوله تعالى ﴿ يجبى إليه ثمرات كل شيء ﴾ أي تجمع وتجلب، وقرأ نافع وحده " تجبى " بالتاء من فوق، وقرأ الباقون " يجبى " بياء من تحت، ورويت التاء من فوق عن أبي عمرو وأبي جعفر وشيبة بن ناصح، وقوله تعالى :﴿ كل شيء ﴾، يريد مما به صلاح حالهم وقوام أمرهم، وليس العموم فيه على الإطلاق، وقرأ أبان بن تغلب " ثُمُرات " بضم الثاء والميم، ثم توعد تعالى قريشاً بضرب المثل بالقرى المهلكة، أي فلا تغتروا بالحرم والأمن والثمرات التي تجبى، فإن الله تعالى