يهلك الكفرة على ما سلف في الأمم، و﴿ بطرت ﴾ معناه سفهت وأشرت وطغت قاله ابن زيد وغيره، و﴿ معيشتها ﴾ نصب على التفسير مثل قوله ﴿ سفه نفسه ﴾ [ البقرة : ١٣٠ ] وقال الأخفش هو إسقاط حرف الجر أي ﴿ بطرت ﴾ في ﴿ معيشتها ﴾ ثم أحالهم على الاعتبار في خراب ديار الأمم المهلكة كحجر ثمود وغيره وباقي الآية بين.
وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (٥٩)
إن كانت الإرادة ب ﴿ القرى ﴾ المدن التي في عصر النبي ﷺ ف " أم القرى " مكة، وإن كانت الإرادة ﴿ القرى ﴾ بالإطلاق في كل زمن ف ﴿ أمها ﴾ في هذا الموضع أعظمها وأفضلها الذي هو بمثابة مكة في عصر محمد ﷺ، وإن كانت أم القرى كلها أيضاً من حيث هي أول ما خلق من الأرض ومن حيث فيها البيت، ومعنى الآية أن الله تعالى يقيم الحجة على عباده بالرسل فلا يعذب إلا بعد نذارة وبعد أن يتمادى أهل القرى في ظلم وطغيان، و" الظلم " هنا يجمع الكفر والمعاصي والتقصير في الجهاد وبالجملة وضع الباطل موضع الحق. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾