والثاني : أنه على إسقاط الخافض، والتقدير : بغياً على أن ينزل، أى : حسداً على أن ينزل، فجيء فيه الخلاف المَشْهُور، أهو في موضع نصب أو جر ؟
والثالث : أنه في م حل جر بدلاً من " ما " في قوله تعالى :" بِمَا أَنْزَلَ اللهُ " [ بدل اشتمال أي بإنزال الله ] فيكون كقول امرىء القيس :[ الطويل ]
٦٦١ أَمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى أَنْ نَأَتْكَ تَنُوصُ...
فَتَصُرُ عَنْهَا خُطْوَةً أَوْ تُبُوصُ
وقرأ أبو عمرو وابن كثير جميع المضارع مُخَففاً من " أنزل " إلا ما وقع الإجماع
على تشديده في " الحجر " ﴿ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ ﴾ [ الحجر : ٢١ ] وقد خالفا هذا الأصل.
أما أبو عمرو فإنه شدد ﴿ على أَن يُنَزِّلٍ آيَةً ﴾ [ الأنعام : ٣٧ ] في " الأنعام ".
وأما أبن كثير فإنه شدّد في الإسراء ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن ﴾ [ الإسراء : ٨٢ ] ﴿ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً ﴾ [ الإسراء : ٩٣ ]
والباقون بالتشديد في جميع المضارع إلاّ حمزة والكسائي، فإنهما خالفا هذا الأصل مخففاً ﴿ وَيُنَزِّلُ الغيث ﴾ آخر لقمان [ لقمان : ٣٤ ] ﴿ وَهُوَ الذي يُنَزِّلُ الغيث ﴾ في الشورى [ الآية : ٢٨ ].
والهمزة والتضعيف للتعدية، وقد تقدم : هل بينهما فَرْق ؟ وتحقيق كلّ من القولين، وقد ذكر القراء مناسبات الإجماع على الشديد في تلك المواضع، ومخالفة كلّ واحد أصله ؟ لماذا بما يطول ذكره والأظهر من ذلك كله أنه جمع بين اللغات.
قوله :" مِنْ فَضْلِهِ " من لابتداء الغاية، وفيه قولان :
أحدهما : أنه صفة لموصوف محذوف هو مفعول " ينزل " أي : ينزل الله شيئاً كائناً من فَضْله، فيكون في محلّ نصب.
والثاني : أن " من " زائدة، وهو رأي الأخفش، وحينئذ فلا تعلق له، والمجرور بها هو المفعول أي : أن ينزل الله فضله.