وقال ابن عطية :
وقوله تعالى :﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار ﴾ الآية،
قيل سببها ما تكلمت به قريش من استغراب أمر النبي ﷺ وقول بعضهم ﴿ لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ﴾ [ الزخرف : ٣١ ] فنزلت هذه الآية بسبب تلك المنازع، ورد الله تعالى عليهم وأخبر أنه يخلق من عباده وسائر مخلوقاته ما يشاء وأنه يختار لرسالته من يريد ويعلم فيه المصلحة ثم نفى أن يكون الاختيار للناس في هذا ونحوه، هذا قول جماعة من المفسرين أن ﴿ ما ﴾ نافية أي ليس لهم تخير على الله تعالى فتجيء الآية كقوله تعالى ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ﴾ الآية [ الأحزاب : ٣٦ ].
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يريد و﴿ يختار ﴾ الله تعالى الأديان والشرائع وليس له الخيرة في أن يميلوا إلى الأصنام ونحوها في العبادة، ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى :﴿ سبحان الله وتعالى عما يشركون ﴾، وذهب الطبري إلى أن ﴿ ما ﴾ في قوله تعالى و﴿ يختار ما كان ﴾ مفعولة ب ﴿ يختار ﴾ قال : والمعنى أن الكفار كانوا يختارون من أموالهم لأصنامهم أشياء فأخبر الله تعالى أن الاختيار إنما هو له وحده يخلق ويختار من الرسل والشرائع ما كان خيرة للناس لا كما يختارون هم ما ليس إليه ويفعلون ما لم يؤمروا به.
قال القاضي أبو محمد : واعتذر الطبري عن الرفع الذي أجمع القراء عليه في قوله تعالى :﴿ ما كان لهم الخيرة ﴾ بأقوال لا تتحصل وقد رد الناس عليه في ذلك، وذكر عن الفراء أن القاسم بن معن أنشده بيت عنترة :[ البسيط ]
أمن سمية دمع العين تذريف... لو كان ذا منك قبل اليوم معروف


الصفحة التالية
Icon